الصحابة والتابعين أنها مندرجة تحت قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ}[المائدة: ٩٠] ، الآية وقد ذكرت ذلك في تفسيري الذي سميته فتح القدير فليرجع إليه ولا شك أن الشطرنج من أعظم ما ينشأ عنه العداوة وإحراج الصدور والخصومات.
قوله:"والغناء".
أقول: الكلام على هذا يطول ويتشعب إلى فصول وذيول لا يتسع لها المقام وقد أوضحت الكلام واستوفيت المرام في شرحي للمنتقي فمن أراد الوقوف على حقيقة البحث والنظر في جميع الأحاديث الواردة تارة بما يقتضي التحريم وتارة بما يقتضي الكراهة وتارة بما يقتضي الإباحة فليرجع إلى ذلك ثم بعد أن حررت فيها ما حررته في ذلك الشرح أفردتها برسالة مستقله.
والحاصل أن الغناء إذا لم يكن من الحرام فهو من المشتبهات والمؤمنون وقافون عن الشبهات وأما استدلال المستدلين على الجواز بما كان يقع من مناشدة الأشعار في حضرته صلى الله عليه وسلم وفي مسجده فليس ذلك من الغناء في شيء وهكذا ما كان يقع في العرسات ونحوها من رفع الصوت بالشعر مع الضرب بالدفوف فإن ذلك غير هذا الغناء المذكور هنا ولو سلمنا أنه نوع منه لكان ذلك مخصوصا لما ورد من المخصصات للعرسات فلا نطيل الكلام في هذا المقام فإن الإحالة على ما أحلنا عليه فيها ارتفاع الإشكال وجلاء الريب ووضوح الصواب.
قوله:"والقمار".
أقول: يدل على تحريمه ما ثبت في الصحيحين [البخاري "١١/٥٣٦"، مسلم "٥/١٦٤٧"، وغيرهما أحمد "٢/٣٠٩"، الترمذي "١٥٤٥"، ابن ماجة "٢٠٩٦"] ، من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق"، فإن هذه الصدقة هي كفارة لذنب القمار فأفاد ذلك أنه حرام وقد ذكرنا في تفسيرنا عند الكلام على الميسر ما يدل على أن القمار داخل في مسماه وقد قال الله عزوجل:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}[المائدة: ٩١] الآية.
قوله:"والإغراء بين الحيوان"،
أقول: إنما أجاز الله سبحانه لعباده صيد ما يصاد من الحيوانات والانتفاع بما ينتفع به من أهليها من أكل وغيره وجوز لهم قتل ما يقتل منها من الفواسق وما كان فيه إضرار بالعباد أو بأموالهم وأما الإغراء بينها فهو باب من أبواب اللعب والعبث وليس هو مما أباحه الله لأنه إيلام لحيوان بغير فائدة على غير الصفة التي أذن الله بها فهو حرام من هذه الحيثية وقد حرم الله العبث بالحيوان لغير فائدة كما أخرجه مسلم "١٩٥٧"، وغيره أحمد "١/٢٨٠، ٢٨٥، ٣٤٠، ٣٤٥"، النسائي "٧/٢٣٨"، من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ:"لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا"، وهكذا حديث:"من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة"، [أحمد "٢/١٦٦، ١٩٧، ٤/٣٨٩"، النسائي "٧/٢٣٩"] ، وهو حديث مروي من طرق قد صحح الأئمة بعضها,