قوله:"فصل: والمباشر مضمون وإن لم يتعد فيه فيضمن غريقا من أمسكه فأرسله".
أقول: لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه فإذا أخذ في إنقاذه فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله فليس عليه في هذه الحالة وجوب لا شرعا ولا عقلا فيخلص نفسه منه ويدعه سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا بل ظاهر قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥] ، أنه يجب عليه تخليص نفسه والآية هذه وإن كانت واردة على سبب خاص كما في سنن أبي داود وغيرهما فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول وهو الحق فالعجب من حكم المصنف على من أرسله لخشية التلف بالضمان فإن هذا لا يطابق شيئا من الشرع وإنما هو رجوع إلى مجرد رأي قد تقرر في الأذهان التي تقبل هذا وأمثاله من دون أن تزنه بميزان الشرع.
وأما قوله:"لا المسبب إلا لتعد في السبب أو سببه" فهكذا ينبغي أن يقال وملاك الأمر في ضمان المسببات عن الأسباب هو التعدي.
[فصل
والمسبب المضمون جناية ما وضع بتعد في حق عام أو ملك الغير من حجر وماء وبئر ونار أينما بلغت وحيوان كعقرب لم ينتقل أو عقور مطلقا ومنه ظاهر الميزاب والقرار على آمر المحجور مطلقا وغيره إن جهل وإلا فعليه وجناية المائل إلى غير الملك وهي على عاقلة المالك العالم متمكن الإصلاح حسب حصته وشبكة نصبت في غير الملك ولم يزل التغرير ووضع صبي مع من لا يحفظ مثله أو في موضع خطير أو أمره بغير المعتاد أو إفزاعه وأما تأديب أو ضم غير معتاد فمباشرة مضمون قيل والمعتاد خطأ وجناية دابة طردت في حق عام أو ملك الغير أو فرط في حفظها حيث يجب فأما رفسها فعلى السائق والقائد والراكب مطلقا والكفارة فإن اتفقوا كفر الراكب فأما بولها وروثها وشمسها فهدر غالبا وكذلك نفحتها وكبحها ونسخها المعتادة وإلا فمضمونة هي وما تولد منها حيث يجب التحفظ] .
قوله:"فصل: والمسبب المضمون" الخ.
أقول: ذكر في هذا الفصل صورا من جنايات الخطأ بالتسبب ليتقرر معناه في ذهن الطالب ويرتسم الفرق بين الخطأ مباشرة والخطأ تسبيبا لما في ذلك من الالتباس في بعض الصور فقال جناية ما وضع بتعد في حق عام أو ملك الغير.