عليه سواء قتل بالتسبب أو المباشرة وإذا تبين لك هذا عرفت الكلام على ما ذكره المصنف من الشروط في هذا الفصل.
وأما كون الرقبة مؤمنة فلتصريح الكتاب العزيز بذلك وأما اشتراط سلامتها من العيوب فليس في أدلة الكتاب والسنة ما يفيد ذلك وقد دلت الآية على أن من لم يجد رقبة صام وأما تعددها على الجماعة فهو الظاهر لكن في الصور الثلاث التي ذكرناها لا مطلقا والوجه في ذلك ما قدمنا في قتل الجماعة بالواحد فارجع إليه.
[فصل
وفي العبد ولو قتله جماعة قيمته ما لم تعد دية الحر وأرشه وجنينه بحسبها وأما المقبوض فما بلغت وجناية المغصوب على الغاصب إلى قيمته ثم في رقبته وله أن يقتص منه ويضمنها وكذا لو جنى على المالك أو غيره ومثله مستأجر ومستعير فرطا] .
قوله:"فصل: وفي العبد ولو قتله جماعة قيمته".
أقول: القاتل للعبد قد أتلف مالا من مال مالك العبد وقد وقع الاتفاق على أنه يجب على من أتلف مالا لغيره أن يضمن قيمته قليلة كانت أو كثيرة فما بال متلف هذا المال أنه لا يضمن من قيمته إلا قدر دية الحر وما الوجه في هذا فإنه لا يطابق رواية ولا دراية ولا يوافق عقلا ولا نقلا ومع هذا فالمروي عن الصحابة يقتضي بأنه يضمن قيمته بالغة ما بلغت كما أخرجه البيهقي عن عمر وعلي أنهما قالا في الحر يقتل العبد ثمنه بالغا ما بلغ.
وأما قوله:"وأرشه وجنينه بحسبها" فالوجه فيه ظاهر فيكون أرشه مقدار أرش الجناية منسوبة من قيمته وهكذا يجب في جنينه ما يقدره العدول من القيمة لا كما قيل إنه يجب فيه نصف عشر قيمة أبيه فإنه لا دليل على ذلك وقد أخرج الشافعي بإسناد صحيح إلى الزهري عن عمر أنه قال جراح العبد من ثمنه كجراح الحر من ديته قال الزهري وكان رجال سواه يقولون يقوم سلعة وإذا عرفت أن الواجب في العبد قيمته بالغة ما بلغت فلا فرق بين المغصوب وغيره.
وأما كون جناية العبد المغصوب على غاصبه فوجهه أنه إذا أثبت يده عليه عدوانا وحال بينه وبين مالكه وربما كان عند مالكه لا يقدم على الغير ولا يجني فكان تسبب الغاصب لمثل هذا مقتضيا لضمانه لما جناه كما يضمن نقص العين المغصوبة إذا نقصت عنده ومعلوم أنه لو تعلقت جناية العبد برقبته وهو عند الغاصب لكان ذلك أعظم نقص يلحقها.
وإذا تقرر لك هذا عرفت أنه لا يجوز للغاصب أن يقتص من العبد المغصوب إذا جنى عليه لأنه يضمن الجناية الواقعة منه على الغير فتكون الجناية الواقعة من العبد على الغاصب