للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "فصل وفيما عدا ذلك حكومة" الخ.

أقول: قد تقرر عصمة الدماء وأنه لا يحل إراقة شيء منها بغير حقه ولا الجناية على معصوم من غير فرق بين أن تكون صغيرة أو كبيرة ورد في الشرع تقديرها أو لم يرد فمن جنى على غيره جناية ظاهرة الأثر ولم يرد في الشرع لها تقدير كما في دون الموضحة وسائر ما أشار إليه المصنف فلا يكون عدم ورود الشرع بتقديرها مقتضيا لإهدارها وعدم لزوم أرشها بلا خلاف وإلا لزم إهدار ما هو معصوم بعصمة الشرع واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله فالجناية التي لم يرد الشرع بتقديرها لا بد من الرجوع في التقدير إلى شيء يكون على طريقة العدل التي لا حيف فيها على الجاني ولا على المجني عليه فينظر مثلا في قدر اللحم الذي ذهب بالجناية وقدر ما بقي إلى ما ورد فيه التقدير من الشرع فيلزم فيه بنسبته إلى ذلك الذي ورد فيه التقدير فإذا كان المأخوذ نصف اللحم والباقي فوق العظم نصفه كان أرشها نصف أرش الموضحة وإذا كان المأخوذ ثلثا كان أرشها ثلث أرش الموضحة ثم كذلك ويكون المرجع في هذا التقدير إلى أهل الاختبار بالجنايات فإذا أخبروا الحاكم بأن المأخوذ كذا قربه الحاكم إلى أرش ما ورد به الشرع بحسب نسبته إليه وهكذا في العضو الزائد وسن الصبي وذهاب الشعر والجمال ومالا نفع فيه وقد قدمنا ما يدل على أنه لم يثبت في الشرع تقدير ما دون الموضحة فما ذكره المصنف هنا من تقدير أرش الدامية والباضعة والسمحاق هو من هذا القبيل الذي ذكرناه فإن وافق نظر الحاكم الخبير بما ورد قرره وإلا فعل ما يترجح له فليس في ذلك حجر ولا يكون تقدير المتقدم حجة على المتأخر إذا كان الصواب عنده في مخالفته وهكذا الكلام في أرش الدامية والمتلاحمة والحارصة والوارمة.

قوله: "وفي جناية الرأس والرجل ضعف ما على مثلها في غيرهما".

أقول: التقديرات الثابتة عن الشارع في الجنايات مطلقة غير مقيدة بكونها في الرأس ولم يرد ما يصلح للتقييد فالواجب البقاء على الإطلاق ويكون اللازم مثلا في الموضحة ما قدره الشارع من غير فرق بين أن يكون في الرأس أو في سائر البدن وهكذا غيرها من الجنايات المقدرة وهكذا تكون الحكومات فيما لم يرد فيه تقدير.

وأما كون جناية المرأة على النصف من جناية الرجل فقد قدمنا عند قوله ويلزم في نفس المسلم ما ورد في أن أرشها إلى قدر الثلث كأرش الرجل وما زاد على ذلك كان أرشها على النصف من أرش الرجل وقد ورد في ذلك ما تقوم به الحجة ويصلح للاعتبار وإذا ثبت الشرع طاحت الأقيسة وبطلت الاجتهادات العاطلة عن الدليل.

قوله: "وفي حلمة الثدي ربع الدية".

أقول: قد عرفناك أنه لا وجه لقول المصنف أنها تلزم الدية في كل زوج في البدن بل الواجب التوقف في ذلك على موارد النص كما بيناه سابقا وما لم يرد فيه النص كان المرجع فيه إلى حاكم الشرع فلا وجه لتقدير المصنف بقوله وفي حلمة الثدي ربع الدية.

<<  <   >  >>