وكان كل ما وصل إليه ابن طفيل عن طريق هذه الرياضة منسجما تماما -فيم يزعم- وما وصل إليه عن طريق العقل. ويستطرد الأستاذ عبد الحليم محمود فيقول:"وابن طفيل في هذا يسير على نمط سار فيه ابن سينا من قبله، وهذا التوافق بينهما بالغ الأهمية: إنهما من كبار المفكرين، ويكاد فكرهما يكون متطابقا تماما في أن العقل الإنساني يصل إلى الله بالدليل والبرهان، وفي أن القلب الإنساني يصل إلى الله بالرياضة الروحية: العبادة، صلاة وصياما وذكرا. ولقد أثبت ابن سينا وجود الله بالفعل. ودليله المرتكز على "الإمكان والوجود" معروف مشهور.. أما جانب الرياضة الروحية فيقول عنها ابن سينا في كتابه الذي كان يعتز به كثيرا. والذي ألفه في أواخر حياته وهو كتاب الإشارات".
والواقع أن التفكير في ذات الله من المباحث الفلسفية والفكرية العالية التي يختص بها كبار المفكرين وعلماء المسلمين، ولا يجوز لغيرهم الخوص أو الدخول فيها. بل إن الإسلام نهانا عن التفكير في ذاته حتى لا نضل وننحرف وأمرنا بدلا من ذلك أن نفكر في خلقه وبديع صنعه، فهذا أدعى إلى تثبيت إيماننا به.