للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التنازع على البقاء، والبقاء للأصلح، نتيجة الانتخاب الطبيعي في الأفراد التي تكون أكثر ملاءمة للحياة، والأصلح يولد صفاته في أجياله ويخلدها فيهم, وتنتقل من جيل لآخر.

ومن الأخطاء الشائعة عن نظرية داروين تسميتها بنظرية النشوء والارتقاء وصحة تسميتها نظرية أصل الأنواع Origin Of Species وهو اسم الكتاب المشهور الذي ضمنه الكلام عن نظريته. ومن الأخطاء الشائعة عنه أيضا أنه قال بأن أصل الإنسان قرد. وهذا غير صحيح. والذي ذكره دارون في كتابه المشار إليه هو أن الإنسان تطور من نوع سابق له من الكائنات بدون أن يحدد هذا النوع السابق. وجاء الفيلسوف البريطاني هاكسلي Huxley واستنتج بنفسه أن ذلك النوع السابق هو القرود، وذلك بمقارنة الهيكل العظمي للإنسان بهياكل الحيوانات الأخرى. إن "دارون" في كلامه عن أصل الأنواع لم يتعرض لأصل الإنسان، لكنه أشار إلى إمكانية الكشف عن أصل الإنسان وتاريخه من خلال نظريته التي تنتهي إلى أن الكائنات تنازعت البقاء وتواءمت مع حاجات هذا التنازع حتى بقي الأصلح الذي استطاع أن يوائم نفسه للمقاومة. أي مقاومة قوى الطبيعة والمخلوقات الأخرى "عمارة نجيب: ٢٩". ومن نظريات التطور ما يعرف بنظرية التطور الكوني العام التي تنسب إلى زعيمها ورائدها "هربرت سبنسر" "١٨٢٠-١٩٠٣". وقد عرض نظريته في كتابه "المبادئ الأولى" الذي نشر لأول مرة عام ١٨٦٠ أي بعد نشر كتاب داروين "أصل الأنواع بسنة واحدة فقط. ولا يمكن أن يقال بأن سبنسر استفاد من داروين لأن نظرية سبنسر تتعلق بالتطور الكوني العام أكثر من كونها في مجال التطور العضوي "محفوظ على عزام: ١٩٣".

وبالنسبة للفكر الإسلامي نجد ما يعرف بنظرية "الكمون" التي تفسر عملية التطور. وتنسب هذه النظرية إلى "النظام" أحد متكلمي المعتزلة. ويوضح الخوارزمي في كتابه "مفاتيح العلوم" معنى الكمون بقوله: "هو استتار الشيء عن الحس كالزبد في اللبن قبل ظهوره، وكالدهن في السمسم. ويذكر "الشهرستاني" في كتابه المعروف "الملل النحل" ما يذهب إليه النظام في نظريته عن الكمون وهو أن الله عز وجل قد خلق الموجودات دفعة واحدة علي ما

<<  <   >  >>