للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي عليه الآن، معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا. ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام خلق أولاده، غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعض. فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها". وهكذا يكون "الكمون" طريقة في فهم التطور دون تحول نوع إلى نوع آخر، فلا يولد الإنسان من الحيوان، ولا القمح من الفول، ولا الجراد من السمك، والعكس صحيح. ولهذا نجد من الباحثين الغربيين من قام بعمل مقارنة بين نظرية الكمون ونظرية التطور كما عرضها "لامارك" و"داروين" و"سبنسر" "المرجع السابق: ١٢٩-١٣٠".

إن التطور عند مفكري المسلمين وعلمائهم يعني نوعا من الترتيب والتصنيف والتقسيم للكائنات يعتمد على بيان أفضلية بعضها على بعض، وشرف بعضها على بعض. فهم قسموا الكائنات الحية إلى نبات وحيوان، وقسموا كلا منهما إلى أقسام فرعية. كما قسموا الطير إلى أنواع رئيسية وأخرى فرعية. وعقدوا مقارنات لبيان وجه الشبه بين الإنسان والطير والحيوان من الناحية النفسية والتشريحية. فقارنوا بين الإنسان والحمام، وبين الإنسان والقرد والفرس وبعض الحيوانات الأخرى. وهم يستدلون من ذلك على وجود الخلق والخالق "محفوظ على عزام: ١٥٠" وانظر أيضا: كتاب الحيوان للجاحظ، وحياة الحيوان الكبرى للدميري. ويقولون بأن الله هو الخالق لكل الكائنات، وهو أيضا المطور لها والمغير لها ولأحوالها بالحركة والسكون والزيادة النقصان. قال تعالى في سورة الفرقان: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} . وقال تعالى في سورة فاطر: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . وقد اقتضت حكمة الله في الخلق وجود زوجين من كل شيء. قال تعالى في سورة الذاريات: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ، وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .

إن أصل الحياة في الكون كما يؤكده القرآن هو الماء. قال تعالى في سورة الأنبياء: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} . ويقول عز وجل في سورة النور: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى

<<  <   >  >>