للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} . فالله سبحانه خلق جميع أنوع الحيوانات والدواب على اختلاف اشكالها وأنواعها وأصنافها. كما أنه خلق جميع أنواع النبات والزرع والثمار. وهي جميعا تسقى بماء واحد، وتنبت في أرض واحدة. قال تعالى في سورة الرعد:

{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} . وتكاثر الحيوان والنبات يتم من خلال التزاوج بين العناصر الذكرية والعناصر الأنثوية. قال تعالى في سورة يس: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} . فهناك عملية الإخصاب بالنسبة لتكاثر الإنسان والحيوان. وهناك عملية التلقيح بالنسبة لتكاثر النبات. وهناك الذكر والأنثى من النبات، كما أنه قد يجتمع في النبات الواحد عناصر الذكورة والأنوثة معا.

إن فكرة قانون البقاء للأصلح Survival of The Fittist التي استخدمها "داروين" ومن بعده هربرت سبنسر ترجع في أساسها إلى العالم الرياضي المتشائم المعروف "مالتس" Malthus المشهور بنظريته التشاؤمية عن تزايد السكان. وقبل هؤلاء جميعا تحدث المفكرون المسلمون عن هذا القانون على أنه خاصية أو سمة في الحيوان فطره الله عليها للدفاع عن نفسه والحفاظ على حياته دون أن يترتب على ذلك فناء أي نوع منها لأن الله سبحانه وتعالى أعطى لكل كائن وسيلة الدفاع عن نفسه. وقد تحدث عن ذلك "إخوان الصفا" وأشاروا إلى ما في جبلة الموجودات من محبة البقاء وشهوته وكراهية الفناء وبغضه. وما فيها أيضا من طلب المنافع وفرارها من الضرر. وهذا ينطبق على الإنسان والحيوان. ومن الحيوان ما يطلب المنافع بالغلبة والقهر كالسبع. ومنا ما يطلبها بالحيلة "كالعنكبوت" ومنها ما يدفع العدو عن نفسه بالقتال كالسباع وبعضها بالفرار كالأرانب والظباء والطير. وبعضها يتحصن في الأرض كالفأر والزواحف.

وابن مسكويه يرى أن الله عز وجل أعطى لكل حيوان آلة "وسيلة" يتناول بها حاجاته ويدفع بها الضرر عن نفسه، كما يجلب بها المنفعة. وتحدث ابن خلدون في مقدمته عن هذا القانون فيقول: "ولما كان العدوان طبيعيا في الحيوان جعل الله سبحانه وتعالى لكل واحد منها عضوا يختص بمدافعة ما يصل

<<  <   >  >>