للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويذكر الشيخ جمال الدين أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي عالم القرن العاشر الميلادي في الرد على الفلاسفة: هم قوم من اليونانيين تحذلقوا في المعقولات حتى وقعوا في وادي الحيرة والخباط ... ويزعمون أنهم أكيس خلق الله وسياق مذهبهم يدل على أنهم أجهل خلق الله وأحمق الناس. وأساس الإلحاد والزندقة مبني على مذهبهم والكفر كله شعبة من شعبهم. وكانوا يترهبون لقطع النسل. ورئيسهم أفلاطون الملحد لعنه الله وإخوانه كأرسططاليس وسقراط وجالينوس كلهم ملاحدة العصر وزنادقة الدهر يقينا. ثم إن الله سبحانه وتعالى علم خبث سرائرهم فأرسل عليهم سيلا ففرقهم. وعلومهم المشئومة عربتها أقوام في عهد المأمون الخليفة بإذنه ووصيته ... فهم مشركون ملحدون لعنهم الله.

وواضح هنا أن الكلام عن الفلسفة اليونانية ولا يمكن أن يفهم منه أن الخوارزمي يعادي الفلسفة بصفة عامة. بل إن الخوارزمي يورد في نفس الكتاب ما يؤكد أن النظر والتفكير واجب بل هما من الفرائض الإسلامية. ولعل هذا ما حدا بمؤلف العبقريات الإسلامية أن يجعل عنوان أحد كتبه: التفكير فريضة إسلامية: أليس هذا سندا شرعيا كافيا للفلسفة؟

وهناك مثال آخر للعلماء المعادين للفلسفة الذين ظهروا في فترة متأخرة نجده فيما يذكره أحمد بن مصطفى المعروف بطاش كوبري زاده عالم القرن السادس عشر الميلادي في كلامه عن موضوعات العلوم فيقول: وإياك أن تظن من كلامنا هذا أو تعتقد كل ما أطلق عليه اسم العلم حتى الحكمة المموهة التي اخترعها الفارابي وابن سينا ونقحها نصر الدين الطوسي ممدوحا. هيهات هيهات إن كل ما خالف الشرع فهو مذموم سيما طائفة سموا أنفسهم حكماء الإسلام عكفوا على دراسة ترهات أهل الضلال وسموها الحكمة، وربما استجهلوا من عرى عنها وهم أعداء الله وأعداء أنبيائه ورسله المحرفون علم الشريعة عن مواضعه. ولا تكاد تلقي أحد منهم يحفظ قرآنا ولا حديثا وإنما يتجملون برسوم الشريعة حذرا من تسلط المسلمين عليهم ... فالحذر الحذر منهم وإن الاشتغال بحكمتهم حرام في شريعتنا.

<<  <   >  >>