للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى النقيض من ذلك نجد إخوان الصفا يعتبرون الفلسفة أشرف الصنائع البشرية بعد النبوة. واعتبرها آخرون ضرورية لفهم الدين بل إن الشرع يحث على تعلمها. ويقول ابن رشد في "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" إن النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشرع بل إن الشرع يحث على تعلم الفلسفة لأن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات كما أن الشرع قد حث على معرفة الله تعالى وسائر موجوداته بالبرهان. وكان من الأفضل أن الأمر الضروري لمن أراد أن يعرف الله تبارك وتعالى وسائر الموجودات بالبرهان أن يعرف أنواع البراهين وشروطها وكيف يختلف القياس البرهاني عن القياس الجدلي والقياس الخطابي والقياس المغالطي، وهذا بدوره يقتضي معرفة القياس وأنواعه وأجزائه ومكوناته وغير ذلك من الأساليت التي تقتضيها طبيعة النظر في الموجودات.

ويعرض الغزالي في "معارج القدس ص٤٦" لفكرة أهمية العقل وضرورته كأساس فيقول: "فالعقل كالأس والشرع كالبناء ولن يغني أس ما لم يكن بناء، ولن يثبت بناء ما لم يكن أس ... فالشرع عقل من خارج والعقل شرع من داخل وهما متعاضدان بل متحدان". ويقول ابن رشد في نفس المعنى: "إن الحكمة هي صاحبة الشرعية والأخت الرضيعة وهما المصطحبتان بالطبع المتحابتان بالجوهر والغريزة" ويقول الدكتور دراز: في كتابه: الدين ص٥٣. "إن من الأهداف الرئيسية للفلسفة معرفة أصل الوجود وغايته ومعرفة سبيل السعادة الإنسانية في العاجل والآجل وهذا أيضا موضوعا الدين بمعناه الشامل للأصول والفروع".

يقول فرانسيس بيكون في الرد على اتهام معاصريه له بالإلحاد: "إن القليل من الفلسفة يميل بعقل الإنسان إلى الإلحاد ولكن التعمق فيها ينتهي بالعقول إلى الإيمان ذلك لأن عقل الإنسان قد يقف عندما يصادفه من أسباب ثانوية مبعثرة فلا يتابع السير إلى ما وراءها ولكنه إذا أمعن النظر فشهد سلسلة الأسباب كيف تتصل حلقاتها لا يجد بدا من التسليم بالله".

كل تلك الأمثلة السابقة أردنا أن نوضح بها الصلة بين الدين والفلسفة. وقد درس علماء المسلمين أيضا علاقة المنطق بالفلسفة ويمثل علم المنطق في نظر

<<  <   >  >>