للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نظرياتها مع اعتبار أنها رأي كامل عن الحقيقة. ومن ثم فإن الدين وهو ينشد الحقيقة على أنها كل لا يتجزأ لم يكن ليخشى أي رأي من الآراء الجزئية عن الحقيقة. وليست المعرفة التجريبية بالضرورة أكثر أنواع المعرفة وثوقا من بين أنواع المعرفة الأخرى كما قد يزعم البعض. فهي تتخذ مكانها جنبا لجنب مع الأنماط الأخرى كإحدى الطرق المؤدية إلى فهم الحقيقة. ويستطيع المعلم مساعدة الطلاب على الفهم والتمييز بين الرأي والواقع وبين الاعتقاد والإيمان والمعرفة.

ويستطيع المدرس أيضا أن يناقش الطرق التي تكتسب المعرفة بواسطتها سواء عن طريق الله أو الوحي أو النقل عن السلف أو الحدس أو العقل أو الحواس أو التجريب. واليوم نجد أن المعرفة المستمدة من خلال التجريب العلمي هي أكثر المعارف شيوعا. وهذا لا يعني أن الطرائق الأخرى خاطئة أو بلا فائدة، بل على العكس فإن المدرس يستطيع أن يظهر أن الطرق المختلفة تكمل بعضها بعضا. فالإدارك الحسي وحده سوف يوفر وقائع ومعلوما ت مجزأة. ولكننا بحاجة إلى العقل لكي نفسر المكتشفات التجريبية ونوحد بينها في نظرية أو قانون. بيد أن التفكير المنطقي إذا ما ترك يعمل وحده، فإنه سوف يصبح خاويا من المضمون وتعمل كل من المعرفة اللدنية والمعرفة الحدسية والمعرفة الوثقى والنقل عن السلف أحسن من غيرها من مواقف الحياة المختلفة.

والواقع أن الحياة متباينة جدا وغير قابلة للتنبوء بالنسبة لأي شخص بحيث لا يستطيع أن يقدم قضايا نهائية حولها. والسؤال الهام بالنسبة للمدرس هو "كم من الوقت والجهد ينبغي أن يكرس لكل من هذه الطرائق؟ ". ولسوف تعتمد الإجابة إلى حد بعيد على المادة التي يقوم بتدريسها. فالمواد تختلف في طبيعتها والتالي تختلف في استخدام نوع المعرفة الموصل إليها، فالمعرفة اللدنية تكون أكثر استخداما في العلوم الدينية والمعرفة العقلية في العلوم الطبيعية والرياضية وكلتاهما يستخدم لمساعدة الطالب على تكوين أسلوب رشيد له في الحياة.

<<  <   >  >>