فضل مصر على الإسلام لا سيما في صد حملات التتار وإجلائهم عن دمشق. ومع أن ابن تيمية ولد بعد حوادث الصليبيين والتتار ولم يشهد إلا أنه وحد آثارها وسمع عنها ممن عاشوها وشاهدوها. وعندما وصل إلى القاهرة استطاع أعداؤه وخصومه أن يكيدوا له كيدا حتى انتهى الأمر بسجنه في مصر في رمضان من نفس السنة. وامتد الأذى إلى الحنابلة الذين ينتمي إليهم وحصل لهم بالديار المصرية كما يقول ابن كثير في تاريخه إهانة عظيمة كثيرة.
وقد مكث في السجن نحو سنة ونصف وخرج منه في ٢٣ من ربيع الأول عام ٧٠٧هـ. وهكذا كانت إقامته بمصر بين نعمة ونقمة. ثم غادر مصر إلى دمشق في مستهل ذي القعدة سنة ٧١٢هـ حيث واصل اشتغاله بالعلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة والاجتهاد في الأحكام الشرعية. وتعرض هناك أيضا للسجن والتعذيب حتى وفاته بسجن القلعة بدمشق عام ٧٢٨هـ.
وابن تيمية فقيه سلفي حنبلي المذهب مجتهد وليس مقلدا. وكان محمد بن عبد الوهاب من المعتنقين لآرائه ومبادئه وعمل على نشرها في الجزيرة العربية في القرن ١٩ في ظل دعوة المشهورة "بالوهابية".
والدعوة الوهابية هي دعوة تجديدية سلفية تترسم خطي ابن تيمية والسلف الصالح. وقد عبر عن ذلك الملك عبد العزيز في خطبة له بقوله:"يسموننا بالوهابيين ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص. وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعاية الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض. نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة. ولم يأت محمد بن عبد الوهاب بالجديد فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما عليه السلف الصالح. نحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق بين الأئمة مالك والشافعي وأحمد وأبي حنفية. كلهم محترمون في نظرنا "انظر كتاب خير الدين الزركلي: الوجيزة في سيرة الملك عبد العزيز، دار العلم للملايين. بيروت".
ويتلخص هدف الدعوة السلفية في تطهير العقيدة الإسلامية من شوائب البدع والخرافات والشعوذة والعودة بها إلى منابعها الإسلامية الأصيلة وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما درج عليه الصحابة والسلف الصالح.