للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تهدف أيضا إلى التربية الصحيحة للشخصية الإسلامية، وفتح الذهن البشري لقبول كل جديد في ميادين العلوم بما يتفق مع أصول ديننا الإسلامي الحنيف.

كان لابن تيمية شخصية متميزة وفكر متميز من صغره. ويقول الذهبي إنه في سن السابعة عشرة كان أهلا للإفتاء. وقد شغل منصب أبيه في التدريس وهو في سن الحادية والعشرين. وكان نادرة زمانة ذكاء وألمعية وعلما وحفظا ورواية وتفقها في علوم الدين.

لقد امتدت اطلاعات ابن تيمية إلى جميع العصور التاريخية السابقة له تقريبا. بيد أنه كان يفضل عصورا على غيرها منها عصور الخلفاء الراشدين والسلاجقة وصلاح الدين ونور الدين ولم يخف إعجابه بهم وكم تمنى خلود تقاليدهم السياسية "هنري لاوست: ٢٦٠". وامتلأ ابن تيمية في شبابه حماسة بانتصارات الإسلام على الفرنجة والصليبيين. كانت ثقافة ابن تيمية عربية إسلامية خالصة. واستطاع أن يستوعب جميع جوانب الثقافة الإسلامية المعروفة في عصره. وتعمق في دراسة المعارف القرآنية وعلوم الحديث والتوحيد. وكان للقرآن الكريم تأثير كبير على فكره وشغل طوال حياته كلها بتفسيره تفسيرا شاملا. وللقرآن هو في الواقع الأساس لكل آرائه الدينية والتربوية. يقول الدكتور مصطفى حلمي: "إن أبرز معالم شخصية ابن تيمية هو المدافع عن الإسلام في دائرة العقيدة والفقه، الحاذق للحديث، الخائض في صراع دائم مع المتكلمين والفلاسفة والصوفية والفقهاء لبيان مواضع الخطأ والصواب في أفكارهم ونظرياتهم "المرجع السابق: ١٢٤".

وقال العمري في ابن تيمية: هو نادرة العصر، وهو البحر من أي من النواحي أتيته. وهو البدر من أي الضواحي أتيته. قطع الليل والنهار دائبين. واتخذ العلم والعمل صاحبين، إلى أن أسر السلف بهداه، ونأى الخلف عن بلوغ مداه. جاء في عصر مأهول بالعلماء، مشحون بنجوم السماء، إلا أن شمسه طمست تلك النجوم، وبحره غرق تلك العلوم. ترد إليه الفتاوى فلا يردها، وتغدو عليه من كل وجه فيجيب عنها بأجوبة كأنه كان قاعدا لها يعدها. تقدم راكبا منهم إماما ولولاه ما ركبوا وراءه" "ابن تيمية: ١٩٨٨: ص٥".

<<  <   >  >>