للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خيارهم، فإنهم خلفاء الرسول في أمته والمحيون لما مات من سنتة. بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا. وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل. فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول، وعلى أن كل واحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه. جميع الأعذار ثلاثة أصناف. أحدها عدم اعتقاده بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. والثاني عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول. والثالث اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ. "محمد أبو زهرة: ١٩٧٧: ٢١٩".

٨- طاعة ولي الأمر في غير معصية:

يرى ابن تيمية أن طاعة ولي الأمر واجبة ما دامت في غير معصية تمشيا مع قوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". ولقوله عز وجل: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} . وروى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة". وفي صحيح مسلم عن أم الحصين أنها سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: "وإن استعمل عليكم أسود مجدع يقودكم كتاب الله فاسمعوا وأطيعوا" ويتساءل ابن تيمية هل تجوز الثورة على الظالم أو من يكره الناس على الطاعة في المعاصي؟ ويجيب ابن تيمية على ذلك بالنفي. فهو لا يسوغ الثورة لأنها تؤدي إلى الفتن والفوضى والهدم. ويأمر بالاحتمال مع الصبر. واستقراء التاريخ يبين أن الفتنة لا تقيم عدلا ولا ترفع ظلما. ويرا أن الطريق الصحيح يكون بالإرشاد والموعظة الحسنة والكلمة الحق تقل للظالمين من الحكام أو أولى الأمر مهما يكن ما يترتب عليها من قتل أو سجن أو تعذيب. وهو يرى أن من واجب العلماء إرشاد الحكام الظالمين بكلمات الحق والعدل. وذلك في نظره أخص أعمالهم وألزمها تمشيا مع قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق لسلطان جائر". وهو لا يرى مطلقا الدعوة إلى الفتنة أو الثورة لأنها لا تغير من الظلم شيئا فضلا عن أنت نتائجها وخيمة. وهو يورد قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ولي

<<  <   >  >>