للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وال قرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره مما يأتي من معصية ولا ينزعن يدا عن طاعة".

٩- منع التقرب إلى الله بالموتى وزيارة قبور الصالحين:

لا يسوغ ابن تيمية التقرب إلى الله بالموتى من الأنبياء والصالحين. لأن التقرب إلى الله بالاقتداء بهم والنهج على منهاجهم وليس لأجل أن يستغاث بهم أو يطلب الدعاء منهم؛ يؤدي إلى الشرك بالله ... وإذا كان الطلب من الموتى ولو كانوا أنبياء ممنوعا خشية الشرك، فالنذر للقبور أو لسكانها والعاكفين عليها نذر حرام باطل يشبه النذر للأوثان وفي ذلك يقول: "ومن اعتقد أن في النذر للقبور نفعا أو أجرا فهو ضال جاهل ... ومن يعتقد أنها باب الحوائج إلى الله وأنها تكشف الضر وتفتح الرزق وتحفظ العمر، فهو كافر مشرك يجب قتله". ويعلق الشيخ محمد أبو زهرة على هذا الرأي لابن تيمية والحكم بالكفر بأنه مغالاة دفعته إليها حدة الجدال ولو أنه اقتصر على أنه ضلال لا كفر لما كان في ذلك تطرف ولا مغالاة "محمد أبو زهرة ١٩٧٧: ٣٢٣".

أما بالنسب لزيار قبور الصالحين فهو يرى أن زيارتها للاتعاظ جائز بل مندوب إليه لأنها عبرة واعتبار وتذكرة واستبصار. أم القصد إلى زيارة قبر رجل صالح بعينه أو نبي بعينه فإن ذلك لا يجوز ... والأساس الذي بنى عليه المنع هو الأساس الذي بنى عليه عدم دعاء الميت لأنه يرى أن ذلك يؤدي إلى الوثنية والشرك. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يتخذ قبره مسجدا حتى لا يزار ولذلك دفن في حجرة عائشة رضي الله عنها. فقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وقد خالف أبو حامد الغزالي وأبو محمد بن قدامة. ابن تيمية في رأيه بمنع زيادة القبور لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "زوروا القبور". "محمد أبو زهرة ١٩٧٧: ٣٢٢-٣٢٤". ويتفق الشيخ محمد أبو زهرة مع ابن تيمية في عدم زيار قبور الصالحين ولكنه يختلف معه بالنسبة لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم اختلافا تاما لأن زيارة قبر نبي الوحدانية استشعار لحقيقتها وتقديس لمعناها ... كما أن الناس يزورون قبر الرسول على مر العصور إلى يومنا هذا. ومع ذلك لا ينظر إليه أحد نظرة عبادة أو وثنية "المرجع السابق: ٣٢٦".

<<  <   >  >>