وفي رواية ذكرها ابن أبي حاتم فقال: ذكر عن عبد الصمد بن عبد الوارث, ثنا أبي, ثنا سليمان التيمي, عن أبي نضرة, عن أبي سعيد, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب, فأتى على هذه {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما أهلها الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون. وأما الذين ليسوا من أهل النار فإن النار تميتهم, ثم يقوم الشفعاء فيشفعون, فيؤتى بهم إلى نهر يقال له الحياة, أو الحيوان, فينبتون كما ينبت الغثاء في حميل السيل ".
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الصلي لأهل النار الذين هم أهلها, وأن الذين ليسوا من أهلها فإنها تصيبهم بذنوبهم, وأن الله يميتهم فيها حتى يصيروا فحما, ثم يشفع فيهم فيخرجون ويؤتى بهم إلى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل.
وهذا المعنى مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم -بل متواتر- في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد, وأبي هريرة, وغيرهما.
وفيها الرد على طائفتين: على الخوارج, والمعتزلة الذين يقولون "إن أهل التوحيد يخلدون فيها", وهذه الآية حجة عليهم, وعلى من حكي عنه من غلاة المرجئة "أنه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد".
فإن إخباره بأهل التوحيد يخرجون منها بعد دخولها تكذيب لهؤلاء وهؤلاء.
وفيه رد على من يقول: "يجوز أن لا يدخل الله من أهل التوحيد أحدا النار" كما يقوله طائفة من المرجئة الشيعة, ومرجئة أهل الكلام المنتسبين إلى السنة –وهم الواقفة من أصحاب أبي الحسن وغيرهم, كالقاضي أبي بكر وغيره, فإن النصوص المتواترة تقتضي دخول بعض أهل التوحيد وخروجهم. والقول ب"أن أحدا لا يدخلها من أهل التوحيد, ما أعلمه ثابتا عن شخص