للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم, فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن تكفر الأخرى ولا تستحل دمها ومالها, وإن كانت فيها بدعة محققة, فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضا؟ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ, وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ والغالب أنهم جميعا جهال بحقائق ما يختلفون فيه.

والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض لا تحل إلا بإذن الله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في حجة الوداع "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" ١ وقال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" ٢. وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ذمة الله ورسوله" ٣ وقال: "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل يا رسول الله هذا القاتل, فما بال المقتول؟ قال: "إنه أراد قتل صاحبه" ٤ وقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" ٥ وقال: "إذا قال المسلم لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" ٦. وهذه الأحاديث كلها في الصحاح.


١-متفق عليه من حديث أبي بكرة وهو جزء من حديث طويل من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
مسلم: كتاب المساقاة/ باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال.
البخاري: كتاب الحج/ باب الخطبة أيام منى.
٢- مسلم: من حديث أبي هريرة بلفظ "لا تحاسدوا ... ".
٣- البخاري: من حديث أنس, كتاب الصلاة/ باب فضل استقبال القبلة.
٤- متفق عليه من حديث الأحنف بن قيس عن أبي بكرة.
البخاري: كتاب الإيمان/ باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما.
مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة/ باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما.
٥- متفق عليه.
٦- البخاري: كتاب الأدب/ باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، مسلم: كتب الإيمان/ باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر.

<<  <   >  >>