الكبائر فأمره إلى الله: إن شاء عذب وإن شاء غفر له", "فإن ارتد عن الإسلام ومات مرتدا كان في النار", "فالسيئات تحبطها التوبة, والحسنات تحبطها الردة" و "من غفر له لم يعذب ومن لم يغفر له عذب, وهذا مذهب السلف والصحابة والأئمة" و "من كان له حسنات وسيئات فإن الله لا يظلمه, بل من يعمل مثقال ذرة خيرا يره, ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره". ولا بد قبل ذلك كله من معرفة الحق والفقه في دين الله لتطابق الأحكام الأحوال, فلا نظلم أحدا, ولا نفرط في حق أحد, فحكم أئمة الناس غير حكم عامتهم. وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: "فالمتأول والجاهل والمعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر بل قد جعل الله كل شيء قدرا" معتمدا في ذلك الرأي على قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "ما أحد أحب بغليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين".
ويعلن ابن تيمية رأيه صراحة في أمور التكفير, والتفسيق, والعصيان, فيقول: "إني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير, وتفسيق, ومعصية إلا قد علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة, وفاسقا أخرى, وعاصيا أخرى’ وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية والمسائل القولية".
فعلى دعاة الإسلام وشبابه أن يعوا هذه الحقائق والأحكام, وهم أكثر الناس حاجة لمعرفتها والإحاطة بمراميها والأخذ بها بكل حكمة وروية, وأن ينظروا إليها مجتمعة غير مجزأة فمن اجتزأ من الإسلام أحكاما وأضرب عن أحكام لم يسر إلا في طريق ملتوية تقود إلى تجارب مخفقة كتلك التجارب التي تبرز بين الحين والآخر على الساحة الإسلامية, فيتخذها المعاندون في الأرض ذريعة لضرب الحركة الإسلامية والتنكيل بأهلها تشريدا وتعذيبا وقتلا.