للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: البول أنجس أم النطفة؟

قال أبو جعفر: البول أنجس.

قال: فلو كنت حولت دين جدك بالقياس، لكنت أمرت أن يغتسل من البول ويتوضأ من النطفة؛ لأن البول أقذر من النطفة.

ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس فقام أبو جعفر فعانقه" ١.

بل إنه يقدم على القياس الحديث المرسل والضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يرى جواز القياس مع وجود أحدهما. ذكر ابن حزم في الأحكام أن أبا حنيفة قال: "الخبر المرسل والضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده" ٢.

بل ذم القياس مع وجود النص أو القياس على غير الأصل من كتاب أو سنة صحيحة. روى الصيمري عن وكيع ٣ أنه قال: سمعت أبا حنيفة يقول: "البول في المسجد أحسن من بعض القياس"٤.

ولقد نفى عنه بعض الأئمة هذه التهمة، منهم المعاصرون ومنهم المتأخرون وأولئك كثير نكتفي بذكر بعض الأقوال.


١ مناقب أبي حنيفة للمكي ص١٤٣.
٢ الإحكام في أصول الأحكام ٧/٥٤، تحقيق أحمد شاكر الطبعة المنيرية سنة ١٣٤٧هـ.
٣ هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي بضم الراء وهمزة ثم مهملة أبو سفيان الكوفي، قال عنه ابن حجر: "ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة" مات في آخر سنة ١٩٦هـ أو أول سنة ١٩٧هـ وله سبعون سنة، تقريب التهذيب ٢/٣٣١، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب ١١/١٢٣.
٤ أخبار أبي حنيفة ص١٣، والكامل لابن عدي ٧/٢٤٧٦.

<<  <   >  >>