كتاب أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة

الفصل الثاني: منهجه في تقرير أصول الدين - المبحث الثالث: موقفه من الفرق الكلامية - ص: 193

مجلس الحسن البصري لقول واصل: "إن مرتكب الكبيرة ليس كافرا ولا مؤمنا، بل هو في منزلة بين المنزلتين. ولما اعتزل واصل مجلس الحسن البصري وجلس عمرو بن عبيد ١ وتبعهما أنصارهما قيل لهم المعتزلة أو معتزلون ٢، ومنذ انضمام عمرو بن عبيد لواصل بن عطاء واعتزالهما الناس ظهر منهما آراء مبتدعة لم يكن عليها الأوائل عاداهما علماء السلف وحذّروا منهما: قال عبد الله بن المبارك:

أيها الطالب علما

ائت حماد بن ز يد

فخذ العلم بحلم

ثم قيّده بقيد

وذر البدعة من

أثار عمرو بن عبيد ٣

وروى الهروي عن عبد الرحمن بن مهدي قال: دخلت على مالك، وعنده رجل يسأله عن القرآن فقال: "لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام، ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل"٤.

---

= ١٣١هـ. سير أعلام النبلاء ٥/٤٦٤، ٤٦٥.
وانظر ترجمته في لسان الميزان ٦/٢١٤؛ وشذرات الذهب ١/١٨٢.
١ هو عمرو بن عبيد البصري التميمي بالولاء قال عنه ابن حبان: "كان من أهل الورع والعبادة إلى أن أحدث ما أحدث واعتزل مجلس الحسن هو وجماعة معه فسموا المعتزلة" مات سنة ١٤٣هـ وقيل سنة ١٤٤هـ.
ميزان الاعتدال ٣/٢٧٣، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد ١٢/١٨٧.
٢ انظر الفرق بين الفرق ٣/٢٧٣؛ والتبصير ص٣٧؛ والملل والنحل ١/٤٦-٤٩؛ والخطط للمقريزي ٢/٣٤٥، ٣٤٦.
٣ ذم الكلام "ق-١٩٦/أ".
٤ ذم الكلام "ق-١٧٣/ب".