للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تقرير الربوبية مغاير لهذه الطريقة، فمسلك الإمام هو مسلك السلف الصالح المستنبط من الكتاب والسنة، فبالتالي كل طريقة ليس مصدرها الكتاب والسنة فهي طريقة مبتدعة في نظر الإمام، لذلك شنّع على عمرو بن عبيد من المعتزلة لأنه فتح الكلام في هذا حيث قال: "لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم" ١.

وكان ينصح من سأله بعدم سلوك هذه الطريقة؛ لأنها في نظره مقالات الفلاسفة، ويوصي بلزوم طريقة السلف المأخوذة من الكتاب والسنة والأثر. فقد سئل الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: "ما تقول فيما أحدثه الناس في الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: مقالات الفلاسفة. عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة؛ فإنه بدعة" ٢.

وهذا هو ما كان عليه السلف، فإنهم أنكروا الكلام في الجوهر والأعراض، وفي ذلك يقول التيمي ٣: "أنكر السلف الكلام في الجوهر والأعراض وقالوا: لم يكن على عهد الصحابة والتابعين، رضي الله عن الصحابة ورحم التابعين، ولا يخلو أن يكونوا سكتوا عنه وهم غير عالمين به، فيسعنا ألا نعلم ما يعلموه. والحديث الذي ذكرناه ٤ يقتضي أن ما تكلّم فيه الآخرون من ذلك ولم يتكلم فيه الأولون يكون مردودا ... " ٥.


١ ذم الكلام للهروي "ق١٩٦/ب".
٢ ذم الكلام للهروي "ق١٩٤/ب".
٣ تقدمت ترجمته ص٢٠٣.
٤ يشير إلى حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". أخرجه البخاري ومسلم.
٥ الحجة في بيان المحجة ص١٧-١٨.

<<  <   >  >>