كان في الرأس أو في الظهر أو في البطن أو غير ذلك ما تمت الحكمة ولا النعمة بهما, وكذلك كل عضو في مكانه ... وأما دلالة الآفاق فما يحدث ويتجدد في العالم من طلوع القمرين والكواكب وغروبها عند دوران الأفلاك الدائرات والسفن الجاريات والرياح الذاريات ... وكذلك تغير أحوال الهواء بالغيوم والصواعق والبروق العجيبة المتتابعة المختلطة بالغيوم الثقال، الحاملة للماء الكثير المطفئ بطبعه للنار المضادة له، وما في الجمع بينهما وإنشائها وإنزال الأمطار منها بالحكمة البالغة ... ثم ما في اختلاف الليل والنهار والفصول والأحوال ... " ١.
فالمقصود أن الدلالات الدالة على تفرد الله بالربوبية والخلق والتدبير كثيرة، وبالجملة هذا النوع من التوحيد لا ينكره أحد إلا مكابر معاند، ومن المعلوم أن من اعترف بوجود الله من غير إفراد له بالعبادة فإن إيمانه هذا لا ينفعه، بل لا بد مع هذا الإقرار أن يجرد التوحيد لله وحده. وسيأتي بيان ذلك في الفصل الآتي.