للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} "سورة الزمر: الآية ٣٨".

فالمشركون مقرّون بأن الله هو الذي خلق السموات والأرض، وأنه لا يقدر على الخلق والرزق والإحياء والإماتة إلا الله ومع ذلك لم يصيروا به مسلمين موحدين بل كانوا مع هذا الإقرار مشركين.

وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل الكلام: "يجعلون معنى الإلهية القدرة على الاختراع، ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء حتى إنهم كانوا مقرين بالقدر وهم مع هذا مشركون" ١.

ويقول كذلك: "وليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين؛ حيث ظن أن الألوهية هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الإله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أن لا إله إلا الله، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه.

بل الإله الحق هو الذي يستحق أن يعبد، فهو إله بمعنى مألوه لا إله بمعنى آله، والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له، والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر" ٢.


١ التدمرية ص١٨٠؛ ومجموع الفتاوى ٣/٩٨؛ وانظر أيضا بيان تلبيس الجهمية ١/٤٧٨-٤٧٩؛ واقتضاء الصراط المستقيم ٢/٨٤٥، ٨٤٦.
٢ التدمرية ١٨٥-١٨٦؛ وضمن مجموع الفتاوى ٣/١٠١.

<<  <   >  >>