للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصديقا يدخله في عداد المؤمنين، بل يكون في الحقيقة من المكذبين كما قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} "سورة آل عمران: الآية٣٣".

رابعا: قول أبي حنيفة: قال الإمام أبو حنيفة: "إن الهدى في التصديق بالله وبرسوله ليس كالهدى في ما افترض من الأعمال" ١.

جوابه: أن التصديق له أثر والأعمال لها أثر؛ فالتصديق والأعمال جزءان من الإيمان المركب منهما والإقرار والهدى الناتج من التصديق المجرّد ليس كالهدى الناتج من التصديق والإقرار والأعمال، فإن الهدى الأول ضعيف والثاني أقوى منه.

ويقال أيضا: إن التصديق المجرد عن عمل القلب ليس فيه هدى بدليل أنه حاصل من بعض الكفار، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} "سورة آل عمران: الآية٣٣".

وإنما الهدى في التصديق المقرون بعمل القلب، من حب الله ورسوله وحب ما جاء به من الدين والانقياد لذلك وبُغْض الدين الذي يخالفه. ولا ريب أن الهدى في اعتقاد القلب وعمله أعظم من الهدى في عمل الجوارح بل هو أصله إذ لا يلزم من الاشتراك في التسمية في الاسم اتِّحاد المرتبة، وهذا لا ينفي أن يكون كلٌّ منهما عن اعتقاد القلب وعمله مع عمل الجوارح من الإيمان.


١ رسالة أبي حنيفة إلى عثمان البتي ص٣٥.

<<  <   >  >>