للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دعا إلى الإقرار به وبما جاء به، دعا إلى اتباعه، والتزام طاعته؛ لأن الإقرار وحده بدون التزام متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته لا يحصل به الدخول في الإسلام ولا ينجو به من العذاب، فصحّ أن العمل من مقوِّمات الإيمان وأنه لا إيمان بدون جنس العمل.

ثالثا ـ قول الإمام أبي حنيفة: "فلم يكن المضيع للعمل مضيعا للتصديق، وقد أصاب التصديق بغير عمل، ولو كان المضيِّع للعمل مضيعا للتصديق لانتقل من اسم الإيمان وحرمته لتضييعه العمل"١.

جوابه من وجهين:

١- أن يقال: إن أراد تضييع العمل مطلقا فقد تقدّم أن التصديق المجرَّد لا يحصل به الإيمان فلا ينفع التصديق إذاً مع تضييع العمل مطلقا، فإن من الأعمال ما يزول الإيمان بزواله مثل محبة الله ورسوله وبغض الشرك وأهله والبراءة منه وكذلك الصلاة يزول الإيمان بتركها عند كثير من المحققين من أهل العلم" ٢.

وإن أراد عملا دون عمل؛ فمعلوم أنه لا يرتفع عنه أصل الإيمان بتضييع أي عمل وليس من شرط وجود الإيمان ألا يرتكب معصية.

٢- أن المسلم لا يتصوّر منه أن يترك العمل مطلقا بل لا بد أن يعمل شيئا من الأعمال الظاهرة كالإحسان والصدق والبر وصلة الأرحام، فإذا فُرض أن شخصا لا يعمل مطلقا أي عمل كان فهذا ليس بمصدِّقٍ


١ رسالة أبي حنيفة إلى عثمان البتي ص٣٥.
٢ كأحمد بن حنبل والأوزاعي وسفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وغيرهم، انظر اعتقاد السلف أصحاب الحديث ص٧٦؛ وكتاب الصلاة لابن القيم ص١٦-٢٠.

<<  <   >  >>