للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} "سورة النساء: الآية٦٥".

أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا نبيه ويرضوا بحكمه ويسلموا تسليما" ١.

لكن ليس معنى ذلك أن السلف يرفضون العقل ٢ ويهملونه، بل يعملونه في عالم الشهادة لا في عالم الغيب إلا على سبيل الإجمال دون التفصيل، ولا يثبتون بالعقل حكما شرعيا، فعندهم للعقل مع الشرع حالتان لا ثالث لهما:

الأولى: أن يدل على ما دل عليه الشرع فيكون شاهدا أو مؤيدا ومصدقا فيحتجون حينئذ بدلالة العقل على من خالف الشرع. وفي القرآن من هذا النوع أي من الأدلة العقلية شيء كثير كأدلة التوحيد والنبوة والمعاد، فتلك الأدلة هي عقلية شرعية.

قال ابن تيمية: " إن كثيرا مما دل عليه السمع يعلم بالعقل أيضا، والقرآن يبين ما يستدل به العقل ويرشد إليه وينبه عليه كما ذكر الله ذلك في غير موضع.

فإنه سبحانه وتعالى بين من الآيات الدالة عليه وعلى وحدانيته وقدرته وعلمه وغير ذلك ما أرشد العباد إليه، ودلهم عليه، كما بين أيضا ما دل على نبوة أنبيائه، وما دل على المعاد وإمكانه، فهذه المطالب هي شرعية من جهتين:


١ شرح العقيدة الطحاوية ص١٩٠، ١٩١.
٢ العقل عند السلف آلة التمييز والإدراك والعلم والعمل.

<<  <   >  >>