للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جهة أن الشارع أخبر بها.

ومن جهة أنه بين الأدلة العقلية التي يستدل بها عليها، والأمثال المضروبة في القرآن هي أقيسة عقلية، وقد بسطت في غير هذا الموضع، وهي أيضا عقلية من جهة أنها تعلم بالعقل أيضا" ١.

الحالة الثانية: أن لا يدل على ما دل عليه الشرع لا نفيا ولا إثباتا، فحكم العقل إذا جواز ما جاء به الشرع. أما أن يدل العقل على خلاف ما جاء به الشرع فيكون معارضا له فهذا ما لا يكون مع صحة النقل، ولهذا قال أهل السنة: إن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح، وقالوا: "إن الرسل جاؤوا بمحارات العقول لا بمحالات العقول".

أي أن الرسل لا يخبرون بما يحيله العقل، ولكن يخبرون بما يجيزه العقل ويحار فيه، وهذا تحديد موقف أهل السنة من العقل مع الشرع.

ثانيا: حكم تأويل النقل:

إذا كان الأساس الأول عند الإمام أبي حنيفة هو تقديم النص الشرعي على ما سواه، فمن الطبيعي عنده رفض التأويل الكلامي ـ الذي هو في الواقع تحريف ـ وهو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر يراه العقل، وقد تقدمت نصوص أبي حنيفة في ذلك ولا بأس أن أذكر واحدا منها وهو قوله: "ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال" ٢.


١ مجموع الفتاوى "٣/ص أبعد ص٨٨".
٢ الفقه الأكبر ص٣٠٢.

<<  <   >  >>