للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: "فاعلم أن الأدلة أربعة: حجة العقل، والكتاب والسنة، والإجماع، ومعرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل" ١، وقال: "إن سأل سائل فقال: ما أول واجب أوجب الله عليك؟ فقل: النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى، لأنه تعالى لا يعرف ضرورة ولا بالمشهادة فيجب أن نعرفه بالتفكير والنظر" ٢.

فقولهم: إن أول واجب هو النظر مخالف للصواب، فالقرآن ليس فيه أن النظر أول الواجبات، ولا فيه إيجاب النظر على كل أحد، وإنما فيه أمر العباد ٣ بالنظر في خلق السموات والأرض.

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} "سورة الروم: الآية٨".

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدْع أحدا من الخلق إلى النظر ابتداء ولا إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دلهم إليه الشهادتان ٤ وبذلك أمر أصحابه، من ذلك قوله لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ... " ٥.

قال ابن المنذر: "أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن


١ شرح الأصول الخمسة ص٨٨.
٢شرح الأصول الخمسة ص٣٩.
٣ انظر درء تعارض العقل والنقل ٨/٨.
٤ انظر درء تعارض العقل والنقل ٨/٦.
٥ تقدم تخريجه ص٢١٠.

<<  <   >  >>