للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنه نُقل عنه معجزات كثيرة مثل شق القمر ومكالمة الحيوانات ونبوع الماء من بين أصابعه وتكثيره الطعام والشراب القليل ونحوه وجنس الواقع من ذلك قد بلغ حدّ التواتر وتفصيل ذلك مذكور في كتب السير.

الثالث: أنه أتى بقرآن معجز، مع أنه كان أميا لم يكتب ولم يقرأ، وكان من قوم لا كتاب لهم، وتحدّى به البلغاء مع كمال بلاغتهم فعجزوا عن معارضته بأقصر سورة كما قال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} "سورة البقرة: الآية٢٣".

أظهر الله دينه على الدين كله فهذا يدل دلالة قاطعة على كونه نبيا، هذا فيما يتصل بطرق النبوة.

ولم أقف لأبي حنيفة على نص في قضيّة طرق إثبات النبوة تفصيلا، وهل هي راجعة إلى المشيئة المحضة أم إلى الحكمة؟

وإنما تكلم عن العصمة، فقد صرح أن الأنبياء كانت منهم زلات وخطايا ١.

لكن نجد أن بعض الماتريدية من مشايخ سمرقند قد منعوا إطلاق اسم الزلة على ما صدر من الأنبياء من خطأ أو هفوة بل قالوا:

إنما يقال فعلوا الفاضل، وتركوا الأفضل فعوتبوا عليه ٢. بل صرح أبو منصور الماتريدي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف منه هفوة ٣، وهذا ظاهر المخالفة لما تضمنه قول الإمام أبي حنيفة، لأن الهفوة والزلة معناهما متقارب.


١ الفقه الأكبر ص٣٠٣.
٢ مدارك التنزيل ١/٤٣.
٣ كتاب التوحيد ص٢٠٢.

<<  <   >  >>