للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقه والسنة، فاتصل بالعلماء من محدثين وفقهاء؛ يأخذ عنهم، لذلك رأيناه يلازم حماد بن أبي سليمان ثماني عشرة سنة، وليس معنى ذلك أنه لم يأخذ الفقه إلا عن حماد، بل الثابت أنه اتصل بالكثير من الفقهاء وأخذ عنهم مثل عطاء بن أبي رباح فقيه مكة، ونافع مولى ابن عمر، وزيد بن علي، وجعفر الصادق وغيرهم.

من أجل ذلك نرى الإمام يجيب الخليفة العباسي المنصور لما سأله: يا نعمان عمن أخذت العلم، قال: "عن أصحاب عمر عن عمر، وعن أصحاب علي عن علي، وعن أصحاب عبد الله عن عبد الله، وما كان في وقت ابن عباس على وجه الأرض أعلم منه، قال: لقد استوثقت لنفسك".

وفي رواية أخرى أنه أجاب عن سؤال المنصور بقوله: "عن حماد عن إبراهيم ١، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، فقال: بخٍ بخٍ استوثقت ما شئت يا أبا حنيفة الطيبين الطاهرين" ٢.

وهؤلاء الشيوخ الأفاضل كانوا أئمة الفقه في عصره، بالإضافة إلى رغبته القوية للتحصيل العلمي، ساعده على ذلك ما فطره الله عليه من الذكاء والفطنة والسجايا الحسنة ـ كالصبر والحلم ـ، وهذه الأمور كلها ساعدت على نبوغه، ففاق أقرانه والكثير من أهل عصره في هذا العلم، فكان الناس عيالا عليه، كما قال الإمام الشافعي: "من أراد أن يعرف


١ هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي، قال عنه الذهبي: "الإمام الحافظ فقيه العراق، وقال عنه ابن حجر: "الفقيه ثقة إلا أنه يرسل كثيرا من الخامسة مات سنة ٩٦هـ"، انظر: سير أعلام النبلاء ٤/٥٢٠، وتقريب التهذيب ١/٤٦.
٢ تاريخ بغداد ١٣/٣٣٤.

<<  <   >  >>