لا تعمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة" وهذان الحديثان فيهما أيضا كلام شديد, وبالجملة ادعاء صحة الأحاديث الكثيرة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم باطل بالبداهة.
ومن تلك الأحاديث التي احتجوا بها "من حج فزار قبري " وفي راية "فزارني بعد وفاتي عند قبري" كان كمن زارني في حياتي" رواه أبو يعلى والدارقطني.
والجواب: أن في سنده حفص بن أبي داوود وليث بن أبي سليم وفي بعض طرقه الحسن بن الطيب وأحمد بن رشدين وكلهم ضعفاء مجروحون, قال الإمام ابن عبد الهادي في الصارم:"واعلم أن هذا الحديث لا يجوز الاحتجاج به ولا يصلح الاعتماد على مثله فإنه حديث منكر المتن ساقط الإسناد لم يصححه أحد من الحفاظ ولا احتج به أحد من الأئمة بل ضعفوه وطعنوا فيه, وذكر بعضهم أنه من الأحاديث الموضوعة والأخبار المكذوبة".
وبالجملة كما سبق بيانه أن ليس في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بالخصوص حديث صحيح ولا حسن, بل إما أن يكون ضعيفا أو موضوعا ولا حجة في ضعيف وموضوع كما لا يخفى على من شم رائحة من العلم.
قال السيد الزيني دحلان زيادة على ما سلف: كأن هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فحيثما صدر من أحد تعظيم له صلى الله عليه وسلم حكموا على فاعله بالكفر والإشراك.
الجواب: هذا الإيجاب الكلي والسلب الكلي اللذان يشتمل عليهما هذا الكلام الساقط الفاسد بهتانان صريحان, فإن المانعين للتوسل لا يمنعون مطلق التعظيم ولا يحكمون على فاعله بالكفر والإشراك, إنما يمنعون التعظيم الذي يتضمن عبادة غير الله أو نهى الله عنه ورسوله, أو التعظيم المحدث الذي لا يدل عليه دليل من الكتاب والسنة, ويحكمون بالكفر والشرك على من عظم تعظيما يتضمن شيئا من موجبات الكفر والشرك, وأما التعظيم الذي هو ثابت بالكتاب والسنة فهو عين الإيمان.