للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة السادسة عشرة: شبهة المنتقدين أن الشيخ أنكر على الصوفية وطرقهم مقلدا في ذلك ابن تيمية]

...

الشبهة السادسة عشرة

قد نسيت في الطبعة الأولى لكتابي هذا أن أذكر شبهة المنتقدين على الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- بأنه أنكر على الصوفية وطرقهم مقلدا في ذلك ابن تيمية –رحمه الله.

فقالوا ما معناه: من المعلوم أن الصوفية أناس غلبوا جانب الآخرة على الدنيا, وزهدوا فيها, ولازموا الأذكار والدعوات في الخلوات, وحب الصالحين والتبرك بهم, والاقتداء بهم, واعتقاد كراماتهم لأنهم بلغوا من الزهد والصلاح ما يقر به الموافق والمخالف, وواظبوا على الصلوات والصيام وسائر الإسلام, فهل يسوغ بالعقل والإنصاف أن ينكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب على هؤلاء الذين نحسبهم صفوة الخلق عند الله؟

وما هو الذنب الذي جنوه حتى ينكر ابن تيمية وابن القيم عليهم, ويقتدي بهم محمد بن عبد الوهاب؟ ولو لم يكن لهم من الفضل إلا التبشير بالزهد في الدنيا والإقبال على الآخر كما قال الله تعالى {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} ١ وقال تعالى {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ٢ وقال تعالى {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} ٣

وكم جاءت الآيات والأحاديث تزهد في الدنيا وترغب في الآخرة, ثم إن هؤلاء مع التزامهم بالأذكار والصلاة والصيام, جاهدوا كثيرا من الكفار, وبشروا بدين الإسلام في كثير من البلدان ولا سيما البلدان الإفريقية.

أما ما ينسب إليهم من المخالفات, فكثير منها مدسوس عليهم, وما صح منها فلها تأويلات واصطلاحات يعرفها الذين يعرفون التصوف وحقيقته.

وإذا ما رأيت الهلال فسلم ... لأناس رأوه بالأبصار


١ النساء: ٧٧
٢ الأعلى: ١٧
٣ الأعراف: ١٦٩

<<  <   >  >>