للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الخامسة: من شبههم جواز الإستغاثة بغير الله]

...

الشبهة الخامسة: من شبههم على جواز الاستغاثة بغير الله

إن الاستغاثة بغير الله من باب الكسب والتسبب العادي كقولهم: أنبت الربيع البقل، وبنى الأمير المدينة، وهذا من المجاز العقلي ووارد في كلام العرب.

والجواب: نعم وإن كان واردا جائزا في الكلام العام وفي الكلام الخاص، فإنه لا يجوز فيما يتناول الاعتقاد وما يشعر بفساد الدين.

ثم لو كان هذا المجاز جائزا، إطلاقا وإجمالا فيما لا يتناول الاعتقاد وفيما يتناوله لكانت دعوة الأموات من المجاز الممنوع الذي لا يجوز، إذ لا خلاف في أن من المجاز ما لا يصح استعماله وما لا يجوز الذهاب إليه ولا القول به.

ثم لو كان كل مجاز يصح استعماله والذهاب إليه والقول به في الاعتقاديات وفي غيرها لكانت دعوة الأموات من غير المجاز للدلائل السابقة، ولكانت من الحقائق الواضحة في فساد دين صاحبها واختلال اعتقاده، ثم لو لم تكن دالة على ذلك بل لو لم تكن دالة على شيء من الأشياء، لكانت هي بلفظها وظاهرها من ألفاظ الضلال والشرك والارتداد، ولا خلاف بين الناس أن من الكلام ما هو كفر وقائله كافر مرتد وإن لم يقصد به عقيدة من العقائد ولا نوعا من أنواع الضلال، ولو أن مسلما طعن في الله أو في عدله وأحكامه وقضائه أو في كتبه وأنبيائه ودينه لكان مرتدا عند جميع المسلمين وإن كان لا يقصد بما قال إلا إضحاك الحاضرين والمزاح والتفريج عنهم، أو نحو ذلك مما قد يكفر به كثيرون من المجان وسوقة الناس.

<<  <   >  >>