الأول: ليعلم القارئ أن قصة المولد باب من أبواب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه ينبغي للمسلم أن يقرأ سيرة هذا النبي الكريم، ويقف على تلك الأخلاق التي منحه الله إياها، حتى قال الله تعالى في حقه {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
وقد أجاد القائل:
خلقت مبرأ من كل عيب ... فكأنك قد خلقت كما تشاء
كما ينبغي للمسلم أن يقف على صفاته الكريمة ومعجزاته العظيمة وسيرته العاطرة وغزواته المظفرة وما إلى ذلك مما ذكر في السيرة، ليزداد إيمانا، وقد ألف العلماء قديما وحديثا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كتبا تفوق العد والإحصاء، ولكن هاهنا أمران: الأول: أنه ينبغي أن يعرف المسلم الصحيح من الضعيف من الموضوع مما سطر في كتب السير، والغث من السمين، وينبغي للمسلم الصحيح تمييز الذي صححه علماء الحديث المعتمد عليهم أو حسنوه، وأما قراءة ما هب ودب وما كان صحيحا وما كان ضعيفا، وما كان موضوعا ومكذوبا، فلا ينبغي أن يقرأ إلا ما كان صحيحا وهنا يتميز العالم من الجاهل والمحب للرسول صلى الله عليه وسلم من المدعى لهذا الحب، لأن كتب السيرة مشحونة بالضعيف والموضوع وفيها من الصحيح أيضا الشيء الكثير، فينبغي للقارئ الاعتناء بالصحيح والحسن، ولا يعتمد على مجرد ما يراه مكتوبا في كتاب منسوب إلى عالم من العلماء الأجلاء، لأن كثيرا من العلماء يوردون في مؤلفاتهم الصحيح والضعيف والموضوع، إما لأنه غير محقق أو لأنه يريد أن يورد كل ما في الباب اتكالا على فهم القارئ وتمييزه. أو ناقلا عن غيره جاعلا العهدة على المنقول عنه.