بما يكون كفرا وإشراكا, فهم يذهبون إلى هؤلاء الموتى المنسوبين إلى الصلاح, يسألونهم حاجاتهم الدنيوية والأخروية بخشوع وخضوع واستكانة وتمسكن, ويأملون فوق ما يأملون الله العظيم, ويخافونهم أكثر من خوفهم من الله رب العالمين, ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من رب العالمين, ويتضرعون بالضراعات التي لا تكون إلا من أتقى المتقين بين يدي مالك يوم الدين, ولا يخفى ما يقع عند مقام الشافعي والحسين بن علي والسيد أحمد البدوي والدسوقي والرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني والزيلعي والعيدروسي وغيرهم ممن بنوا عليهم المقامات العالية والأضرحة الفخمة, وطفق الجهلة يحجون إليهم ويضرعون لديهم ويطلبون منهم, فالمريض يسأل الشفاء والعانس تطلب الزواج, والأعمى يريد البصر, والفقير يريد الغنى, والعزب الفقير يدعوه أن يزوجه ويهديه إلى المرأة الصالحة, إلى غير ذلك من الأمور البدعية والشركية مما هو ملموس ومحسوس.
وفكر في نتائج القول بالبدعة الحسنة, إن الكثيرين من الشافعية في بلدان كثيرة ابتدعوا صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة, بدعوى الاحتياط والبدعة الحسنة, لسد خلل إن حصل في صلاة الجمعة, كيف تجر هذه البدعة الشنعاء إلى الكفر إن اعتقد المصلون بوجوبها, لأن الله تعالى لم يفرض علينا صلاة سادسة, أو زيادة ركعة, لأن اعتقاد وجوب هذا كفر لا ريب فيه, كما لو اعتقد بنقص ركعة من ركعات الصلاة.
وهذه البدعة روجها بعض العلماء لأجل ما ذكرته سلفا, ولم يتأملوا ما ينتج منها من الاعتقادات الفاسدة, والدليل على ذلك: أن المأموم ينوي فرض صلاة الظهر, وأي احتياط لمصلين في مسجد يبلغ المأمومون أكثر من أربعين؟ بل وأحيانا مئات وألوفا؟ وأي حسنة في هذا؟ وخصوصا في بلد لا تقام فيها إلا جمعة واحدة, علما أن قولهم: إذا تعددت الجمع ولم يعرف السابقة, فيصلي الظهر احتياطا وجوبا, أو عرف السابقة, فالثانية باطلة وتصلى الظهر, كلام غير صحيح, وقد ذكرت تفصيل ذلك في كتابي الجمعة