البيهقي: وروي من وجه آخر عن قتادة, ومن وجه آخر عن أنس وليس بشيء, قلت القائل ابن حجر العسقلاني, أما الوجه الآخر عن قتادة فلم أره مرفوعا, وإنما ورد أنه كان يفتي به كما حكاه ابن عبد البر, بل جزم البزار وغيره بتفرد عبد الله بن محرر به عن قتادة، وأما الوجه الآخر عن أنس فأخرجه أبو الشيخ في الأضاحي وابن أيمن في مصنفه والخلال من طريق عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أبيه، وقال النووي في شرح المهذب هذا باطل أ. هـ كلام الحافظ في تلخيص الحبير.
وعلى الفرض أن يكون حديث العقيقة صحيحا، فأي مناسبة لاستخراج المولد منه، فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي عق عن نفسه كما في هذه الرواية الضعيفة لم يشرع لأصحابه الاحتفال بمولده ولا فعلته الصحابة ولا التابعون، هل كان أولئك القوم غير محبين للرسول صلى الله عليه وسلم أو كانوا بلداء وأغبياء ليس عندهم ذلك الفهم وتلك المقدرة على الاستنباط، كما قدر الحافظ السيوطي وأمثاله من الذين يستنبطون بزعمهم من الأحاديث الضعيفة – حاشا لله أن يتصفوا بمثل هذه الصفات.
وأما تشبثهم أو تمسكهم بخبر عروة في شأن أبي لهب مع جاريته ثويبة، بأنها لما بشرت أبا لهب حينما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها، ولهذا ورد أن الله تعالى يخفف عنه العذاب في كل يوم اثنين حتى أنشد بعضهم:
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه ... وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما ... يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره ... بأحمد مسرورا ومات موحدا
والجواب من وجوه:
أولا: أن هذا الحديث مرسل، أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به.
ثانيا: أنه لو كان موصولا، فلا حجة فيه لأنه رؤيا منام.