وأبلغ من هذا فعل عمر بن الخطاب الذي كان بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيعدل عنه إلى التوسل بالعباس لكونه حيا قادرا ... وهذا الأثر ضعفه ونكارته، قد خالف هذه الوقائع الصحيحة الثابتة عن خير القرون بأجمعهم. فلو كان ما تضمنه هذا الأثر صحيحا لفعلوه ولو مرة لبيان الجواز، ومن المعلوم أن المضطر يتعلق بأدنى ما يجده لكشف ضره، فلما لم يفعلوا ذلك مع وجود الدافع تبين بطلان هذا الأثر وسقوطه. قال شيخنا العلامة البارع المحقق الجليل عبد العزيز بن باز في تعليقه على فتح الباري٢/٤٩٥: هذا الأثر ـ على فرض صحته كما قال الشارح ـ ليس بحجة على جواز الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته؛ لأن السائل مجهول، ولأن عمل الصحابة رضي الله عنهم على خلافه، وهم أعلم الناس بالشرع، ولم يأت أحد منهم إلى قبره يسأله السقيا ولا غيرها، بل عدل عمر عنه لما وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس، ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة، فعلم أن ذلك هو الحق، وأن ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة إلى الشرك، بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك ... إلخ" اهـ كلامه رحمه الله تعالى ومتّع به على طاعته. ١ أي الأصل وطبعة الرياض "الضبعي" وأما أثبته من الميزان ٢/٢٥٥ـ٢٥٦.