ولنختم الجواب بالفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية، ليعلم الناظر في هذه الأوراق أن هؤلاء الغلاة الجهال ما عرفوا من معنى "لا إله إلا الله" ما عرفه جهال الكفار الذين بعث الله فيهم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هؤلاء الغلاة يزعمون أن من قال: لا إله إلا الله، وأقر أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت النافع الضار المدبر لجميع الأمور، أنهم لا يقصدون ممن يدعونه ويستغيثون به ويلجأون إليه من الأنبياء والأولياء والصالحين بذلك تأثير شيء منهم بإيجاد نفع أو دفع ضر، ولا يعتقدون ذلك البتة، بل يعتقدون أن الله هو المنفرد بالإيجاد والإعدام والنفع والضر، وأنه لا مشارك له في ذلك، وهذا هو اعتقاد جهال الكفار الذين بعث الله إليهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يدعون الأنبياء والملائكة والأولياء والصالحين، ويلتجئون إليهم، ويسألونهم على وجه التوسل بجاههم وشفاعتهم ليقربوهم إلى الله زلفى، كما حكى الله ذلك عنهم في مواضع من كتابه كما سنبينه إن شاء الله تعالى.