هذا وحده دليلا على أن الله يرضى ذلك ويحبه فليطرد الدليل, وذلك كفر متناقض, ثم إنك تجد كثيرا من هؤلاء الذين يستغيثون عند نبي أو غيره, كل منهم قد اتخذ وثنا أحسن به الظن بآخر, وكل منهم يزعم أن قرينه يستجاب عنده, ولا يستجاب عند غيره, فمن المحال أصابتهم جميعا, موافقة بعضهم دون بعض تحكم وترجيح بلا مرجح, والتدين بدينهم جميعا جمع بين الأضداد, فإن أكثر هؤلاء إنما يكون تأثيرهم فيما يزعمون بقدر إقبالهم على وثنهم, وانصرافهم عن غيره, وموافقتهم جميعا فيما يثبتونه دون ما ينفونه يضعف التأثير على زعمهم, فإن الواحد إذا حسن الظن بالإجابة عند هذا, وهذا لم يكن تأثره مثل تأثر الحسن الظن بواحد دون آخر, وهذه كلها من خصائص الأوثان, ثم قد استجيب لبلعام بن باعورا في قوم موسى المؤمنين, وسلبه الله تعالى الإيمان, والمشركون قد يستسقون فيسقون, ويستنصرون فينصرون انتهى.
وفيه كفاية لمن كشف الله عن بصيرته حجب الغفلة, والله الهادي إلى سواء السبيل.