أدعوهم إلى كلمة واحدة يدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم؟ فقال من بين القوم أبو جهل: ما هي؟ لنعطينكها وعشر أمثالها، فقال: قولوا: "لا إله إلا الله" فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وذلك قوله: {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص٦] فإذا تمهد هذا واتضح لك، علمت أنه لا ينجي من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا القيام بما دعت إليه الرسل، وأنزلت به الكتب من هذا النوع الآتي بيانه، وهو توحيد الله تعالى بأفعال العبد الصادرة منه؛ لأن الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالا وتعظيما وخوفا ورجاء، وخضوعا وخشوعا وإنابة وتوكلا واستعانة واستغاثة ودعاء، فهو الذي يألهه كل شيء، ويعبده كل خلق.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: النوع الثاني: ما تضمنته سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}[الكافرون ١] وقوله تعالى {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا}[آل عمران٦٣] الآية، وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها، وأول سورة المؤمن ووسطها وآخرها، وأول سورة الأعراف وآخرها، وجملة سورة الأنعام، وغالب سور القرآن، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، شاهدة به، داعية إليه، فإن القرآن إما