ارتباط بوجه من الوجوه لا بإشارة ولا بتلويح ولا بتصريح؛ وقد فسر أعلم الخلق بربه هذه الآية: قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد: آية ٣] بأنه هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء ١؛ قوله صلى الله عليه وسلم:"الظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء" يدلان العبد على معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته؛ وأن العوالم كلها في قبضته؛ وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد؛ قال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}[الإسراء: آية ٦٠] وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ}[البروج: آية ٢٠] ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدليلين على هذين المعنيين اسم العلو الدال على أنه الظاهر وأنه لا شيء فوقه؛ واسم العظمة الدال على الإحاطة وأنه لا شيء دونه؛ كما قال تعالى:{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[سبأ: آية ٢٣] وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقر: آية ١١٥] وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي فوق خلقه بذاته؛ فليس فوقه
١ أخرجه الإمام مسلم في صحيح ٤/٢٠٨٤-كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.