للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٤٤١ - قَالَ الشَّافِعِيُّ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ " قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: فَقَدْ أَمَرَ بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَفَرَضَ اللهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ هَذَا، إِلَّا مَا تُمْسِكُوا بِهِ عَنِ اللهِ، ثُمَّ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنْ دِلَالَتِهِ، وَلَكِنْ قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ قَالَهُ لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بِمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ، فَقَدْ كَانَتْ لَهُ خَوَاصُّ أُبِيحَ لَهُ فِيهَا، مَا لَمْ يُبَحْ لِلنَّاسِ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِ فِيهَا، مَا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ مِنَ الَّذِي لِي، أَوْ عَلَيَّ دُونَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا عَلَيَّ وَلِي دُونَهُمْ فَلَا يُمْسِكَنَّ بِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّ لَهُ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ مَا شَاءَ، وَأَنْ يَسْتَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]، فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَنَكَحَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَأَخَذَ صَفِيًّا مِنَ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ لَهُ خُمْسُ الْخُمُسِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَهُ وَلَا لِوُلَاتِهِمْ كَمَا يَكُونُ لَهُ؛ لِأَنَّ اللهَ قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗١٢١⦘ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ دُونَهُمْ، وَفَرَضَ اللهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ وَالْفِرَاقِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَنْ أُخَيِّرَ امْرَأَتِي عَلَى مَا فَرَضَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ قَالَهُ: " لَا يُمْسِكَنَّ عَلَيَّ النَّاسُ بِشَيْءٍ " قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ قَالَهُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُؤَكِّدُهُ إِلَّا أَنْ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، فَيَكُونُ وَاضِحًا وَلِلْأُصُولِ مُوَافِقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>