١٧٥١٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، بِبَغْدَادَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، وَهُوَ خَالُ حَفْصَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قُدَامَةَ شَرِبَ فَسَكِرَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَنْ شَهِدَ ⦗٥٤٨⦘ مَعَكَ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ، فَدَعَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُ؟ فَقَالَ: لَمْ أَرَهُ شَرِبَ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ سَكْرَانَ يَقِيءُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَقَدْ تَنَطَّعْتَ فِي الشَّهَادَةِ، قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قُدَامَةَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَدِمَ فَقَامَ إِلَيْهِ الْجَارُودُ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا كِتَابَ اللهِ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخَصْمٌ أَنْتَ أَمْ شَهِيدٌ؟ قَالَ: بَلْ شَهِيدٌ، قَالَ: فَقَدْ أَدَّيْتَ الشَّهَادَةَ، فَصَمَتَ الْجَارُودُ حَتَّى غَدَا عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللهِ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا خَصْمًا، وَمَا شَهِدَ مَعَكَ إِلَّا رَجُلٌ، فَقَالَ الْجَارُودُ: إِنِّي أَنْشُدُكَ اللهَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَتُمْسِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ كُنْتَ تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَأَرْسِلْ إِلَى ابْنَةِ الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهَا، وَهِيَ امْرَأَةُ قُدَامَةَ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى هِنْدَ بِنْتِ الْوَلِيدِ يَنْشُدُهَا، فَأَقَامَتِ الشَّهَادَةَ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ عُمَرُ لِقُدَامَةَ: إِنِّي حَادُّكَ، فَقَالَ: لَوْ شَرِبْتُ كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَكُمْ تَجْلِدُونِي، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لِمَ؟ قَالَ قُدَامَةُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣]، الْآيَةَ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ، إِنِ اتَّقَيْتَ اللهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: مَاذَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ، قَالُوا: لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا كَانَ مَرِيضًا، فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى جَلْدِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا دَامَ وَجِعًا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَأَنْ يَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي، ائْتُونِي بِسَوْطٍ تَامٍّ، فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ فَغَاضَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قُدَامَةَ فَهَجَرَهُ، فَحَجَّ وَحَجَّ قُدَامَةُ مَعَهُ مُغَاضِبًا لَهُ، فَلَمَّا قَفَلَا مِنْ حَجِّهِمَا وَنَزَلَ عُمَرُ بِالسُّقْيَا وَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ مِنْ نَوْمِهِ فَقَالَ: عَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ فَأْتُونِي بِهِ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى أَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ: سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنِّي أَخُوكَ، فَعَجِّلُوا إِلِيَّ بِهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنْ أَبَى أَنْ يُجَرَّ إِلَيْهِ، حَتَّى كَلَّمَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا حَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى شُرْبِهِ، وَحِينَ حَدَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَبَتَ عِنْدَهُ شُرْبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةِ آخَرَ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ الْجَارُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute