٢٠١٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ الْعَبَّاسِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: " مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ "، فَقَالَ لِي: " هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ "، فَقُلْتُ: " وَمَا أَيْلَةُ؟ "، قَالَ: " قَرْيَةٌ كَانَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ فَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْحِيتَانَ يَوْمَ السَّبْتِ، فَكَانَتْ حِيتَانُهُمْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا بِيضٌ سِمَانٌ كَأَمْثَالِ الْمَخَاضِ بِأَفْنِيَائِهِمْ وَأَبْنِيَاتِهِمْ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ يَوْمِ السَّبْتِ لَمْ يَجِدُوهَا، وَلَمْ يُدْرِكُوهَا إِلَّا فِي مَشَقَّةٍ وَمَؤوُنَةٍ شَدِيدَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أَوْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: " لَعَلَّنَا لَوْ أَخَذْنَاهَا يَوْمَ السَّبْتِ، وَأَكَلْنَاهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ "، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْهُمْ، فَأَخَذُوا؛ فَشَوَوْا؛ فَوَجَدَ جِيرَانُهُمْ رِيحَ الشِّوَاءِ، فَقَالُوا: " وَاللهِ مَا نَرَى أَصَابَ بَنِي فُلَانٍ شَيْءٌ "، فَأَخَذَهَا آخَرُونَ حَتَّى فَشَا ذَلِكَ فِيهِمْ وَكَثُرَ، فَافْتَرَقُوا فِرَقًا ثَلَاثَةً: فِرْقَةٌ أَكَلَتْ، وَفِرْقَةٌ نَهَتْ، وَفِرْقَةٌ قَالَتْ " {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: ١٦٤] " فَقَالَتِ الْفُرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ: إِنَّا نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللهِ وَعِتَابَهُ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِخَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَاللهِ لَا نُبَايِتُكُمْ فِي مَكَانٍ وَأَنْتُمْ فِيهِ "، قَالَ: " فَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ، فَغَدَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَحَدٌ، فَأَتَوْا بِسُلَّمٍ، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى السُّورِ، ثُمَّ رَقِيَ مِنْهُمْ رَاقٍ عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: يَا عِبَادَ اللهِ، قِرَدَةٌ وَاللهِ لَهَا أَذْنَابٌ تَعَادَى، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ مِنَ السُّورِ، فَفَتَحَ السُّورَ، فَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ، فَعَرَفَتِ الْقُرُودُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ، وَلَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقُرُودِ، قَالَ: فَيَأْتِي الْقِرْدُ إِلَى نَسِيبِهِ وَقَرِيبِهِ مِنَ الْإِنْسِ، فَيَحْتَكُّ بِهِ، وَيَلْصَقُ بِهِ، وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ: " أَنْتَ فُلَانٌ؟ " فَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ، أَيْ: نَعَمْ، وَيَبْكِي، وَتَأْتِي الْقِرْدَةُ إِلَى نَسِيبِهَا وَقَرِيبِهَا مِنَ الْإِنْسِ، فَيَقُولُ لَهَا الْإِنْسَانُ: " أَنْتِ فُلَانَةُ؟ " فتشيرُ بِرَأْسِهَا، أَيْ: نَعَمْ، وَتَبْكِي، فَيَقُولُ لَهُمُ الْإِنْسُ: " إِنَّا حَذَّرْنَاكُمْ غَضَبَ اللهِ وَعِقَابَهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ بِخَسْفٍ أَوْ مَسْخٍ أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فَأَسْمَعُ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ {فأَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} فَلَا أَدْرِي مَا فَعَلْتِ الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ؟ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: " فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مُنْكَرًا فَلَمْ نَنْهَ عَنْهُ، قَالَ عِكْرِمَةُ: " فَقُلْتُ: أَلَا تَرَى - جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ - أَنَّهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا وَكَرِهُوا حِينَ قَالُوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ⦗١٥٩⦘ اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: ١٦٤] "، فَأَعْجَبَهُ قُولِي ذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِبُرْدَيْنِ غَلِيظَينِ، فَكَسَانِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute