٢١٦٠٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبأ الرَّبِيعُ، أنبأ الشَّافِعِيُّ، أنبأ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: مَا الْخَيْرُ؟ الْمَالُ، أَوِ الصَّلَاحُ، أَمْ كُلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا نَرَاهُ إِلَّا الْمَالَ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ؟ قَالَ: مَا أَحْسِبُ خَيْرًا إِلَّا ذَلِكَ: الْمَالَ وَالصَّلَاحَ. قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]، " الْمَالَ، كَائِنَةً أَخْلَاقُهُمْ وَأَدْيَانُهُمْ مَا كَانَتْ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: الْخَيْرُ كَلِمَةٌ يُعْرَفُ مَا أُرِيدَ بِهَا بِالْمُخَاطَبَةِ بِهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧] فَعَقَلْنَا أَنَّهُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ بِالْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ، لَا بِالْمَالِ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ⦗٥٣٧⦘ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: ٣٦] فَعَقَلْنَا أَنَّ الْخَيْرَ الْمَنْفَعَةُ بِالْأَجْرِ، لَا أَنَّ فِيَ الْبُدْنِ لَهُمْ مَالًا، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠] فَعَقَلْنَا أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَالًا، لِأَنَّ الْمَالَ الْمَتْرُوكُ، وَبِقَوْلِهِ: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] فَلَمَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] كَانَ أَظْهَرَ مَعَانِيهَا بِدَلَالَةِ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ مِنَ الْكِتَابِ: قُوَّةٌ عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالِ وَأَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَوِيًّا فَيَكْتَسِبُ، فَلَا يُؤَدِّي إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَا أَمَانَةٍ، وَأَمِينًا فَلَا يَكُونُ قَوِيًّا عَلَى الْكَسْبِ، فَلَا يُؤَدِّي. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَلَيْسَ الظَّاهِرُ مِنَ الْقَوْلِ إِنْ عَلِمْتَ فِي عَبْدِكَ مَالًا بِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ فِيهِ، إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ يَكُونُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ الَّذِي يُفِيدُ الْمَالَ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، قَالَ: وَلَعَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْخَيْرَ الْمَالُ، أَنَّهُ أَفَادَ بِكَسْبِهِ مَالًا لِلسَّيِّدِ، فَيَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ مَالًا يَعْتِقُ بِهِ كَمَا أَفَادَ أَوَّلًا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute