للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) في مقدمة تحقيقه (١) لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم، أنَّ الناظم رحل إلى المدينة عام: (٦٨٨ هـ)، وهذا لا يَصِحُّ، وقد أحال -رحمه الله - إلى نسخة مخطوطة للناظم لكتابه (خلاصة الأبحاث في شرح نهج القراءات الثلاث) (٢)، والصواب أَنَّ في آخرها ما نصه: «وهذا آخر ما يسر الله تعالى من إملاء شرح النهج، كمل بمدينة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل على نبينا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام، وذلك في شعبان المبارك، سنة ثمان وثمانين وستمائة». انتهى.

إذن، وبعد الرجوع إلى المخطوط تبين أنه كتب بالخليل وليس بالمدينة المنورة، كما ذكر - رحمه الله - وجميع موتى المسلمين.

ولا يبعد أَنّ الناظم قد زار المدينة المنورة وحج بيت الله الحرام، ولكنَّ أحدًا لم يذكر ذلك، وخاصةً أَنَّ له مؤلفًا في (مناسك الحج) (٣)، وله مؤلفًا آخر سمَّاه (محرك الغرام الساكن إلى أشرف المساكن) (٤)، واستنتج اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ) أنه قدم الخليل قبل سفره للمدينة بسنة أو قبل السنة (٥). والله أعلم.

وذكر الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) أيضًا في مقدمة تحقيقه (٦) لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم، أنه رحل إلى مصر، وذلك أنه قرأ في مقدمة كتاب (الجميلة شرح العقيلة) قول الإمام السخاوي (٧) - الشارح -: «ومما رأيت أنا من ذلك على قبر ابن عبادة (٨) بمصر - رحمه الله -:

يَا مَاشِيًا بِالقُبُورِ زَهْوًا … لَمْ تَنتَبِهْ لِلْمنُونِ رِيحُ

عَرِّجْ قَلِيلًا عَلَى غَرِيبٍ … قَدْ ضَمَّهُ مُفْرَدًا ضَرِيحُ

بَيْتٌ تَسَاوَى الْأَنَامُ فِيهِ … الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ الصَّرِيحُ

وَقِفْ عَلَيْهِ وَجُدْ بِرُحْمَى … لَعَلَّهُ فِيهِ يَسْتَرِيحُ

وهذه الرحلة لا تصحُّ -كذلك - والرَّدُّ على هذه والتي قبلها بوجهين:


(١) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٤٠ - ٤١.
(٢) في المكتبة الأزهرية برقم: (١٤٠١) قراءات ضمن مجموع (١٦٨ - ٢١٨)، ومنها نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (مكرو فيلم ٤٣٣)، وقد حُقِّقَ ثلاث مرات: الأولى: تحقيق الطالب: قارئ محمد إبراهيم بن حافظ محمد عبد الله الباكستاني، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، (١٤٠٨ هـ-١٩٨٨ م). والثانية: بتحقيق السيد عبد الوهاب رزق الطويل، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، (١٩٩٠ م)، والثالثة: بتحقيق: أبو عاصم المراغي إبراهيم بن نجم الدين بن محمود أحمد، وطبعته دار الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة، (١٤٢٧ هـ-٢٠٠٦ م)، استفدتها باختصار من كتاب: الإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري: ٣٣ - ٣٤.
(٣) انظر: الأنس الجليل: ٢/ ٢٥١، وكشف الظنون: ٢/ ١٨٣١.
(٤) انظر: الهبات الهنيات، تحقيق: د. ظمياء السامرائي: ٤٤.
(٥) انظر: الجعبري ومنهجه في كنز المعاني، لليزيدي: ١/ ٦٦.
(٦) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٤١.
(٧) هو: علم الدين علي بن محمد الهمداني السخاوي الدمشقي، شيخ الإقراء بدمشق، إمام كامل ومقرئ محقق ونحوي علامة، قرأ على أبي القاسم الشاطبي وغيره، وقرأ عليه أبو شامة المقدسي وغيره، (ت: ٦٤٣ هـ). انظر: معرفة القراء: ٦٨٥، وغاية النهاية: ٢/ ٨٢٣.
(٨) لم أجد له ترجمةً فيما توافر لديَّ من مصادر.

<<  <   >  >>