وكل ما يتحرك حركة واحدة من الحركات المتقابلة فهو جسم طبيعي وصورته هي ح يقال لها طبيعية على الخصوص. وكل متغير فله مقابل واحد أو أكثر من واحد فقد يقابله السكون فقط. مثال ذلك التعلم، فإن مقابله البقاء على الجهل. وقد يقابله مع السكون تغير آخر كالصعود فإنه يقابله اللبت أسفل، ويقابله الهبوط وهو الحركة إلى أسفل. وقد تقابل الحركة الحركة على غير هذين الوجهين. وقد لخص ذلك في الخامسة من السماع.
والحركة في المكان فلها أطراف متقابلة، وهي لكل جسم هيولاني، وهي أولاً للإسطقسات. ولكل واحد منها واحد من أصناف هذه الحركة بالذات، كالهبوط للأرض، والصعود للنار. وهي لسائر الأجسام من أجلها، لأن كل جسم هيولاني فهو إما واحد منها وإما مؤلف من أكثر من واحد. مثال ذلك أجسام النبات والحيوانات، فإنها مركبة من الأرض والماء، والزيت والشمع فهو مركب منهما ومن الهواء والدخان، والبخار من الماء والأرض، وقد لخص أصناف هذه أرسطو في مواضع كثيرة.
وأما الأجسام الأخر التي لم تعط مبدأ أكمل من هذا من مبادئ وجود الاسطقسات، بل مبادئ وجود ما مجانس لذل، فليس لها من حركة المكان بل بالذات إلا هذان الصنفان فقط كالذهب والشمع، وأجسام النبات وأجسام الحيوان إذا فارقتها الأنفس، كخشب العرعر وخشب الأبنوس، ولذلك توجد لها سائر الحركات بالعرض، إما خارجاً عن الطبع أو قسراً.
وأجناس الحركة المكانية ثلاثة: منها الجنس الذي طرفاه الصعود والهبوط.
والثاني الجنس الذي طرفاه التقدم والتأخر.
والثالث الجنس الذي طرفاه التيامن والتياسر.
فهذه الأجناس الثلاثة هي أجناس حركة المكان البسيطة. فأما حركة غير هذه فهي مركبة مثل حركة الوراب فأما حركة الاستدارة للحيوان فإنما هي حركة على شكل كثير الزوايا، فتكون مركبة على جهة التشافع والامتزاج. وتلخيص ذلك خارج عما نحن بسبيله.
والحركة في المكان تسمى في لغة العرب بعض أصنافها النقلة وهي الحركة الإرادية، وربما قيلت في الحين بعد الحين في كل صنف من أصنافها، فيطلق عليها الانتقال. والانتقال ما كان منه في الفوق والأسفل وقد قلنا فيه. وأما الجنسان الآخران فإنما يوجدان للحيوان خاصة، وليس يوجد صنف صنف منها لصنف صنف من الحيوان، كما وجدت أصناف الانتقالات للاسطقسات، بل توجد المتقابلات بالسواء للحيوان الواحد بعينه في العدد، لكن لا كل حين من الزمان. والسبب في اختلاف ذلك هو أن الفوق والأسفل محدودان بالطبع، فإن الأسفل هو المركز، والفوق مقعر فلك القمر أو جسم آخر دونه، ولا يمن في المركز أن يكون فوق ولا في مقعر فلك القمر أن يكون أسفل، فإن ماهيتهما تقتضيان ذلك. فأما اليمين فليس بمحدود في ذاته، فإن وجود المكان يميناً إنما هو بالإضافة إلى المتحرك، ولذلك يكون المكان الواحد يميناً لواحد ويساراً لآخر في آن واحد، ويكون يميناً ويساراً لحيوان واحد بالعدد، لكن في زمانين لا في زمان واحد.
وكل حيوان فهو ذو جسم متميز الجهات، وكل ذي جسم متميز الجهات فللمكان الأول الذي هو فيه إضافات متميزة إلى الأمكنة الأخر، ولكل نوع من أنواع الحيوان أنواع من المكان طبيعية له. مثال ذلك أن الطائر له أمكنة في الهواء طبيعية، وأمكنة في الأرض، وقد توجد له في الماء. وقد لخص ذلك أرسطو في كتاب الحيوان. فأما هل أمكنته في الهواء مشابهة لأمكنته في الماء أم لا، فتلخيص ذلك لائق بالقول في حركات الحيوان المكانية.