ومن الأدلة على وحدانية الله - عز وجل - ووجوب الإيمان به صدق الرسل: فالرسل جاءوا بدعوى النبوة، وتلك الدعوى لا يدَّعيها إلا أصدق الناس أو أكذبهم؛ فالأنبياء أصدق الناس، ومدعو النبوة أكذب الناس؛ فالأنبياء والرسل جاءوا بالوحي من عند الله، فأيَّدهم الله، ونصرهم، وأعلى شأنهم، وأجاب دعاءَهم، وأهلك عدوهم؛ فلو كانوا كاذبين لأهلكهم، ولخذلهم، ولجعل الدائرة عليهم كما هي الحال مع مدعي النبوة، فتأييد الله للرسل دليل على صدقهم، وصدقهم دليل على أنهم مبعوثون من عند الله الحق، وأن مرسلهم حق، وعبادته حق.
ومن الأدلة على وحدانية الله - عز وجل - هداية المخلوقات، فلقد هدى الله الحيوان ناطقه، وبهيمه، وطيره، ودوابه، وفصيحه، وأعجمه إلي ما فيه صلاح معاشه وحاله؛ فمن الذي هدى الطفل ساعة ولادته إلى أن يلتقم ثدي أمه؟ ومن الذي أودع فيه معرفة عملية الرضاع، تلك العملية الشاقة التي تتطلب انقباضات متوالية في عضلات الوجه، واللسان، والعنق، وحركات متواصلة للفك الأسفل، والتنفس من طريق الأنف، كل ذلك يتم بهداية تامة، وبدون سابق علم أو تجربة؟ فمن الذي ألهمه ذلك؟.
إنه الله {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه: ٥٠] .
ومن الذي أعطى الإنسان القوة، والعقل، وعلَّمه ما لم يكن يعلم؟ إنه الله الخالق المستحق للعبادة.
أما هداية الطير، والوحش، والدواب فحدِّث ولا حرج؛ فلقد هداها الله إلى