وذكر الحنابلة في ذلك آثاراً عن الصحابة لم أقف على عزوها، ولم يعزوها، والقياس يدل على جوازه، وأظهر منه ما سيأتي من إباحة الفضة للرجال مطلقاً مما هو اختيار شيخ الإسلام. قالوا: ومثل ذلك رأس المكحلة وحلية الدرع وحلية المغفر أو أن يضع شيء في النصل أو نحو ذلك، فكل هذا جائز لا بأس به من باب القياس على الحلية التي توضع في السيف التي تقدم ثبوت فعلها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وما سوى ذلك فهو محرم. هذا هو المذهب.
قال صاحب الفروع:" ولم أجدهم يحتجون على تحريم لبس الفضة على الرجال، ولا أعرف على تحريم لبس الفضة على الرجال نصاً عن أحمد ".
- وهناك قول في المذهب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو القول الثاني في المسألة، وقد قواه صاحب الفروع: وهو أي لبس الفضة للرجال جائز مطلقاً؛ وذلك لأن الأصل في الأشياء الإباحة كما قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}(١) ، ومن ذلك الفضة، فالفضة مما خلقه الله لنا، فهو جائز لنا، ولا دليل يحرمه، وقد دلت الأدلة على جوازه للنساء، وهو بإجماع العلماء جائز لهن، والأصل أن ما جاز للنساء فهو جائز للرجال كما أن ما جاز للرجال فهو جائز للنساء إلا بدليل يدل على التخصيص ولا دليل يدل على ذلك. هذا هو القول الراجح في هذه المسألة، وأن لباس الفضة جائز مطلقاً للرجال.
وأما كون الآنية محرمة منه، فإن باب اللباس أوسع من باب الآنية، بدليل أن الآنية محرمة على النساء كما تقدم، فالنساء لا يجوز لهن أن يشربن في آنية الذهب والفضة ويجوز لهن أن يلبسن الذهب والفضة، فباب اللباس أوسع من باب الآنية.