للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن الصدقة في الأزمنة الفاضلة متعلقة بالزمان، وأما في أوقات الحاجات فهي متعلقة بالمحتاج نفسه فكانت أفضل، فالصدقة في أوقات الحاجات أفضل من الصدقة في رمضان وفي عشر ذي الحجة وفي غير ذلك وقد قال تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة} (١) أي في حاجة وفقر.

قال: (وتسن بالفاضل عن كفايته ومن يمون)

فيسن له أن يتصدق بما يفضل عن حاجته هو وحاجة من يمون، لما ثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول) (٢) أي أفضل الصدقة ما كان زائداً على حاجتك وحاجة من تمون، وقد تقدم أن الغنى هو الكفاية، فما فضل عن الكفاية فهو خير الصدقة.

أما أن يتصدق بما يلحقه أو يلحق من يمون ضرراً فإن ذلك محرم.

ولذا قال المؤلف: (ويأثم بما ينقصها)

أي بما ينقص المؤنة، أي مؤنته ومؤنة من ينفق عليهم.

فإذا تصدق وأضر بنفسه وبمن ينفق عليهم فإن ذلك محرم لما ثبت في المسند وسنن أبي داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) (٣) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) (٤) .

لكن يستثنى من ذلك: من كان من أهل اليقين والصبر وكانت أيضاً عائلته على هذه الصفة، فإنه وإن أنفق ماله كله مع رجاء رزق الله - عز وجل - ورجاء الخير فإن ذلك لا حرج فيه، فقد ثبت في مسند أحمد وأبي داود والترمذي بإسناد صحيح: أن أبا بكر: (أتى بماله كله للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: ما أبقيت لأهلك فقال: أبقيت لهم الله ورسوله) (٥) فهذا يدل على جواز ذلك.


(١) سورة البلد.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب (١٨) لا صدقة إلا عن ظهر غنى (١٤٢٦) .
(٣) أخرجه أبو داود في باب صلة الرحم من كتاب الزكاة.
(٤) انظر صْ ٨٥.
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب (٤٠) في الرخصة في ذلك (١٦٧٨) .